التغيير واإلسالم المعاصر القيم واألخالق العربية في منظور الجابري المجتمع الخيري وتحول مفاهيمه عبر التاريخ الوظيفة المقاصدية.. مشروعيتها وغاياتها

Transkript

1 العدد الثامن والثالثون : ربيع األول ١٤٣٩ ه - نوفمبر 2017 م ملحق لمجلة التفاهم تصدره وزارة األوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع التغيير واإلسالم المعاصر القيم واألخالق العربية في منظور الجابري المجتمع الخيري وتحول مفاهيمه عبر التاريخ الوظيفة المقاصدية.. مشروعيتها وغاياتها الوالء المطلق.. ظاهرة حديثة! تاريخ كنوز مصر القديمة وأسرارها تطبيق نظريات الماوردي على المجتمعات الحديثة صراع الهويات أمام موجة العولمة قيم الغرب السياسية بين الثقافة والتطبيق المكانة الضائعة ألصحاب المهن البحرية التاريخية «وال بد لليل أن ينجلي«د.هالل احلجري أم ا قبل... يوم الثامن ع شر من نوفمرب لي س يوما عاديا لع مان إن ه يوم سيذكره التاريخ جيدا وقد أدخل هذا البلد من أو سع أبواب التقدم واالزدهار. يحق لع مان أن يرتبط عيد ها الوطني مبيالد ال سلطان قابو س هذا الرجل الذي يجمع بني جنبيه الع لم و الإقدام واحل كمة و إالخال ص و الإميان واحل ب وال س الم وغري ها من القيم إالن سانية الع ليا. إن ما حققه جاللة ال سلطان لع مان يف ز هاء أربعة عقود ي صعب ت صو ر ه مل ن در س تاريخ الأمم وعرف حقيقة الز من الذي ا ستغرقته يف التطوير والتنمية فكيف مب ن بنى نه ضت ه من الع د م وم ن أخرج بالد ه من»الع صور الو سطى«قابو س م ث ق ف وم س ت نري درا سته يف كلية سانت هري ست وقراءته لالأدب إالجنليزي وم صادر الفكر والفل سفة أالوروبية وت شربه لتعاليم إال سالم وولعه العميق باملو سيقى واطالعه على تاريخ عمان ال سيا سي كل ذلك ع صمه من االنزالق يف أوحال ال سيا سة التي تورط بها كثري من احلكام العرب. وقابو س م ق د ام ض ح ى بنف سه من أجل ع مان وكان طوال هذه العقود -حفظه اهلل- ر ج ل القرارات ال شجاعة التي حفظت لع مان أمن ها وا ستقرار ها و أنقذت منطقة اجلزيرة العربية من حروب كارثية أو شكت أن تكون عاملية. وقابو س»حكيم الع رب«كما شهد له بذلك معظم املحللني ال سيا سيني أالن ه بعيد عن التهور الذي ات سم به بع ض حكام املنطقة بل أ صبح م غوثة كثري من دول العامل التي تورطت يف منطقة ال شرق الأو سط فكان جاللت ه بحنكت ه ال سيا سية وحكمت ه املعرفية طوق النجاة وب ل سم العالج ملن ع ز عليه ذلك. وقابو س م د ر س ة يف إالخال ص للوطن فمنذ أن توىل مقاليد احلكم إىل الآن وال شيء يهمه أكرث من بناء ع مان وتنميتها والرقي بها إىل درجات الدول املتقدمة. تت أامل حياة هذه الرجل فال جتد شيئا ي شغله سوى ع مان هذا البلد الذي أحبه وتفانى يف إالخال ص له على نحو فريد ال جتد له نظريا أبدا يف التاريخ. وقابو س رمز للقائد املوؤمن بربه مل ي فر ط يف الدين بكونه من ثوابت الهوية التي حر ص جاللته على تر سيخها يف عمان وذلك ينعك س يف فهمه العميق لالإ سالم فال ترى يف سيا سته للبالد إفراطا وال تفريطا. الدين حا ضر بقوة يف منهجه تلم س ذلك يف حر صه على بناء امل ساجد ون شرها يف كل ربوع عمان وجتد ذلك أي ض ا يف دعمه ال سخي للدرا سات الإ سالمية يف املوؤ س سات العلمية داخل عمان وخارجها. وعالوة على ذلك فاإن جاللته بعيد كل البعد عن الغلو والتنطع يف الدين بل إن ه يف خطبه وتوجيهاته يحذر النا س من الوقوع يف هذه املهالك. أم ا ال سالم فهو جماع ال سجايا يف شخ صه الكرمي وال يت سع املقام يف مقالة افتتاحية كهذه أن يحيط بهذه الف ضيلة التي عرفها القا صي والداين. يكفي أن العامل مب ؤو س ساته العلمية املرموقة قد شهد ب أان قابو س هو»ر ج ل ال سالم«. hilalalhajri@hotmail.com

2 ربيع األول نوفمبر 2017 م التغيير والا سسلام المعاص ر 2 نا صر احلارثي يرى املفكر اللبناين ر ضوان ال سيد يف حديثه عن» شواهد التغيري يف القر آن الكرمي«يف مقاله املن شور مبجلة»التفاهم«أن مفهوم التغيري يف القر آن ي أاتي على أربعة سياقات وهي التغيري الكوين والتغيري الأممي أو احل ضاري والتغيري داخل أمة أو قرية معينة أ ضف إىل ذلك التغيري املجتمعي والفردي م ؤوكدا يف الوقت ذاته أهمية تاأمل املجتمع إال سالمي املعا صر ملفهوم التغيري يف القر آن وا ستيعاب دالالته للخروج بحل قيمي ي عالج إال شكاليات املرتبطة با أالن شطة ال سيا سية واحلقوقية لواقعنا املعا صر. إن م ف ه وم ال ت غ ي ري م ن امل ف اه ي م ال را س خ ة يف ثقافتنا الإ س الم ي ة فلطاملا ارت ب ط ال دي ن الإ س الم ي والر سالة ال ق ر آن ي ة امل ج ي دة ب ال ت غ ي ري وع ن د ت أام ل ن ا ل دالالت ومعاين وفكرة التغيري يف القر آن جندها ت أاتي على عدة أن ساق فا آالية القر آنية»ي و م ت ب د ل ال أ ر ض غ ري ال أ ر ض و ال س م او ات «وك ذل ك آالي ات الأوىل م ن س ورة التكوير واالن ف ط ار تتحدث ع ن تغيري ك وين وه و تغيري يتجاوز ق درة الب شر وي رت ب ط ب ال ق درة إالل ه ي ة وم ن ث م ي اأت ي املفهوم احل ضاري للتغيري»و إ ن ت ت و ل و ا ي س ت ب د ل ق و م ا غ ري ك م ث م ال ي ك ون وا أ م ث ال ك م» واملت أامل لهذه الآي ة يجد أنها تت ضمن معاين عميقة يف التطور والتغري احل ضاري ف ال ي وج د أم ة ه ي خ ري م ن أم ة وال ح ض ارة ه ي خري من سابقتها فمن توىل و أدبر وتخلى عن القيم جتاوزته ال سنن الكونية بح ضارة خمتلفة ال تكون على شاكلته ف ال دليل على علوية وج الل ة ق در ال سلف على اخللف و أما الن سق الثالث للتغيري يف القر آن الكرمي وهو مقارب للن سق الثاين ولكنه يتحدث عن التغيري يف داخل أالمة أو الوطن الواحد وذلك يف قوله تعاىل:»و ض ر ب هلل م ث ال ق ر ي ة ك ان ت آم ن ة م ط م ئ ن ة ي اأ ت يه ا ر ز ق ه ا ر غ د ا م ن ك ل م ك ان ف ك ف ر ت ب اأ ن ع م هلل ف اأ ذ اق ه ا هلل ل ب ا س جل وع و خل و ف مب ا ك ان وا ي ص ن ع ون «يف ح ني حت دث الن سق ال راب ع للتغيري عن اجلماعات و الأف راد وهو الأك رث تكرارا يف اخلطابات ال دي ن ي ة امل ع ا ص رة يف ح دي ث ه ا ع ن ال ت غ ي ري وه ي الآي ة احلادية ع شر من سورة الرعد» إ ن هلل ال ي غ ري م ا ب ق و م ح ت ى ي غ ير وا م ا ب أا نف س ه م «وقوله تعاىل:»ذل ك ب أا ن هلل مل ي ك م غ ري ا ن ع م ة أ ن ع م ه ا ع ل ى ق و م ح ت ى ي غ ري وا م ا ب اأ نف س ه م» وهنا يرى الكاتب باأن الأن ساق الأربعة للتغيري يف القر آن الكرمي ت شري إىل أن التغيري قد يكون لالجتاه أالف ض ل أو الأ س و أ ولقد ج اءت آي ات التغيري م سبوقة بعالمة التوكيد» أن«و» إن«وهو ما ي شري إىل أن التغيري ق اع دة أو سنة م ن س نن احل ي اة ك م ا أ ش ار إل ي ه ا املفكر الإ سالمي حممد عبده. إن من أهم إ شكاليات التغيري يف الإ سالم املعا صر هو غياب أو ضبابية أال س س ال ت ي يجب أن ينطلق منها م شروع التغيري أو الإ صالح لذلك جند ت ضاربا وت ضادا يف الكثري من امل شاريع الإ صالحية مع أنه يف حالة عودتنا للقر آن وتاأملنا له جند أن التغيري مرتبط بقيم كلية أ سا سية ع ل وي ة ت ت ك رر ب ص ي غ ودرج ات م ت اب ي ن ة وه ي امل س اواة وال ك رام ة واحل ري ة وال ع دال ة وال ت ع ارف واخل ي ري ال ع ام ولقد تباينت املدار س الإ سالمية على مدى قرون طويلة حول ما هي القيم العليا احلاكمة حيث ذهب املعتزلة إىل أن ال ع دل ه و القيمة الرئي سية ول ذل ك سموا أنف سهم ب اأه ل ال ع دل وال ت وح ي د يف ح ني اع ت رب الأ ش اع رة قيمة الرحمة هي القيمة الأوىل بينما ركز بعد ذلك ال صوفية على قيمة العالقة م ع اهلل تعاىل واحل ب وال ذك ر ومن ث م ت س ي د ال ف ق ه اء امل دار س إال س الم ي ة ل ي ريك زوا على ال ع ب ادات و أالن الفقهاء ذه ب وا بعيدا ع ن م سار القيم ف اإن الكاتب ي رى ب اأن أب ا احل سن امل ورودي أخرجهم من م اأزق القيم بقوله يف كتاب»الدين والدنيا«إن الأ صول القيمية ستة وه ي: دي ن م ت ب ع و س ل ط ان ق اه ر وع دل شامل و أمن عام وخ صب دائم و أمل ف سيح لذلك جند أن الأمة الإ سالمية مرت على مفاهيم وفل سفات متعددة ح ول ال ق ي م وارت ب اط ه ا مب ف ه وم ال ت غ ي ري وه ذا الإرث الثقايف بكافة إ شكاالته كان له تر سبات كبرية على واقع احل ضارة الإ سالمية املعا صرة حيث إن الأمة الإ سالمية وبالتحديد الأمة العربية وجدت نف سها مطالبة بالتغيري لي س على املنظور القيمي فقط بل على كافة أ شكال احلياة وعليها أي ضا أن تتجاوز التغيري إىل التقدم احل ضاري ول ق د تباينت وج ه ات النظر ح ول آل ي ة وط رق التغيري فهل نحتاج إىل أ سلمة امل شروع الغربي كما ي رى رفاعة الطهطاوي م ستدال بذلك على أن أهم إ شكاليات امل سلمني هي إ شكاليات تنظيمية ولي س قيمية دينية يف حني ر أى خري الدين التون سي أهمية تبيئة الفكر وتغيري الكثري من املفاهيم التي ر سخها الفقهاء ليكون املجتمع م ؤوهال للتقدم وعند تاأملنا للواقع ال سيا سي واالجتماعي جند أن ه م ع متطلبات التغيري ظ ه رت العديد م ن احل رك ات و أالح زاب الوطنية والدينية وعند ظهور هذه احلركات ك ان ه ن اك ح راك ول و ب سيط وه و م ا ي سمى ب ا إال س الم االج ت ه ادي حدثت الكثري م ن ال صراعات وال صدامات امللحمية وامل اأ س اوي ة يف الآن ذات ه ب ني النخب ال سيا سية ال وط ن ي ة وب ي ني ال ت ي ارات ال دي ن ي ة ورج االت ه ا وي ط رح الكاتب هنا فكرتني وهي هل سبب هذا ال صراع هو طبيعة إال سالم و أالديان ال سماوية ولذلك حدثت هذه امل شكلة يف ال شرق الأو سط ومل حتدث عند اليابان و شرق آ سيا أم اختالف درج ات الوعي بني النخب ولكنه يف الآن ذاته يجد الكاتب أن ال سبب يف حقيقته راجع أالمر خمتلف وهو الربط ال سطحي بني إال س الم وم شروع التقدم ويتمثل ذل ك يف ه ل إال س الم يقبل ال ت ق دم أو يرف ضه وكذلك التاأثري الكبري لال ستعمار الغربي وغياب ت أاثري امل ؤو س سات الدينية التقليدية مما خلق فراغا سمح بظهور الكثري م ن ال ش ب اب امل ن دف ع ب ا س م ال ت غ ي ري و الإ ص ل الح الديني وال ذي ك ان غ ري م ق ب ول ل دى امل ؤو س س ات التقليدية أو املجتمع وبدرجة أكرب من النخب الوطنية. ا ستعرا ض الكاتب للتغيري يف القر آن والتاريخ إال سالمي أ ضاف الكثري من النقاط على احلروف وهو أهمية ربط التغيري بالقيم القر آنية ال بالقيم التاريخية ولكنه وقع يف ت ن ب وؤات ونتائج تخالف واق ع امل سلمني املعا صر فلقد توقع الكاتب امل وت وال ف ن اء لثنائية اال ستبداد والتمرد الإ سالمي متوقعا تراجع التيارات الإ سالمية وتقهقرها ل ل وراء بعد الف شل ال ذي منيت ب ه يف سبعينيات القرن امل ا ض ي بطبيعة احل ال ت راج ع ر ض وان ال سيد ع ن هذا اال ستقراء امل ستقبلي ب صورة أو باأخرى فاأ صبح بعد أحداث الربيع العربي يتحدث ع ن ال ث وران ال دي ن ي كما صرح ب رواج أن شطة وح رك ات ال سلفية عند امل سلمني و أعتقد أن سبب ع دم توفيق الكاتب يف تنبوؤاته عائد إىل ت أامل وجهة نظر خمالفي تلك احلركات التغيريية دون درا سة واقعية للتاأثري الكبري الذي ترتكه احلركات الإ صالحية أو الدينية يف الفكر إال سالمي املعا صر. m056058@gmail.com

3 ربيع األول نوفمبر 2017 م 3 القيم والا خلاق العربية في منظور الجابري ب سام الكلباين يذكر اجلابري يف مقدمة كتابه»العقل أالخالقي العربي«أن املكتبة العربية خالية من أي ة حماولة جادة و شاملة حتليلية ونقدية لنظام القيم يف الثقافة العربية الإ سالمية ثم ي ستعر ض ما كتب قدميا وحديثا يف مقاربة هذا املو ضوع لي ستنتج أن العرب مل ينتجوا يف ميدان الفكر أالخالقي ما يرقى إىل م ستوى ما أنتجوه يف الفكر الفل سفي وليجعل هذا اال ستنتاج مبثابة فر ضية يرتتب عليها شوؤاله: ملاذا مل يقم علم الأخالق يف الثقافة العربية على غرار العلوم الأخرى يقول حممد أم ني فر شوخ يف مقالته املعنونة»نقد نظم القيم يف الثقافة العربية«- واملن شورة مبجلة التفاهم - ب أان اجلابري قد جعل كتابه يف ق سمني: الق سم أالول حتت ع ن وان: امل ش أالة الأخ ل الق ي ة يف ال ت رت ث ال ع رب ي ح دد ف ي ه ا م ع اين امل ف ردات: أخالق أدب نظام قيم متحدثا عن أزمة القيم و أيهما يوؤ س س الأخ الق العقل أ م النقل. ويف الق سم الثاين حتت عنوان: نظم ال ق ي م يف ال ث ق اف ة ال ع رب ي ة أ ص ول ه ا وف روع ه ا در س امل وروث الفار سي واليوناين وال صويف قبل أن يدر س امل وروث العربي اخلال ص وامل وروث الإ سالمي يف البحث عن أخ الق إ سالمية ليعود يف ف صول هذا الق سم الأخرية إىل أزمة القيم وحماوالت يف أ سلمة أالخالق. وه ك ذا ا س ت ع ر ض ون اق ش يف ال ق س م أالول م ع اين امل ف ردات اال صطالحية التي تعرب عن احلقل املعريف ملو ضوع البحث ففي اللغة العربية كلمتان يعرب بهما عن أالو صاف التي يو صف بها ال سلوك الب شري: خ ل ق )واجل م ع أخ ل الق( و أدب )واجل م ع آداب( والكلمتان غري مرتادفتني مع أن الواحدة منهما قد تنوب عن أالخ رى. وقد قرر اجلرجاين يف تعريفاته أن»اخل ل ق عبارة عن هيئة يف النف س را سخة ت صدر عنها أالفعال ب سهولة وي سر من غري حاجة إىل فكر وروي ة«م شريا هنا إىل فكرتني هما: الر سوخ والتلقائية وب ه ذا املعنى يكون اخللق غ ري ال سلوك فهو ملكة أو هيئة يف النف س تكون منبعا لل سلوك. وبعد أن دقق الراغب الأ صفهاين يف ذلك - ناقال عن املراجع أالفالطونية و أالر سطية يف أالخالق م ستح ضرا يف الوقت نف سه املرجعية إال سالمية - قال:»ج عل اخللق مرة للهيئة املوجودة يف النف س التي ي صدر عنها الفعل بال فكر وج عل مرة ا سما للفعل ال صادر عنه با سمه«ويخل ص اجلابري إىل اال ستنتاج باأن للفظ اخللق أربع ا ستعماالت: الأول ه و معنى»ال ق وى ال غ ري زي ة«وه و ق ري ب م ن معنى ال سجية وال ط ب ع. وال ث اين ه و معنى»احل ال ة املكت سبة ال ت ي ي صري بها الإن س ان خليقا أن يفعل شيئا كمن ه و خليق بالغ ضب حلدة مزاجه. والثالث أن يكون ا سما للفعل ال صادر عن احلالة وهنا توحيد ب ني ال سلوك وب ني اخللق داف ع ه ال غ ري زي. وال راب ع أن يكون ا سما للهيئة والفعل معا مثل العفة والعدالة وال شجاعة. ث م ي ن ت ق ل اجل اب ري إىل ال ب ح ث يف م ع ن ى أالدب يف امل ع اج م وال شواهد ال شعرية والدرا سات احلديثة م شريا إىل قول طه ح سني يف إن الكلمة: «كانت تدل منذ الع صر أالموي على هذا النحو م ن العلم ال ذي لي س دي ن ا وال مت صال ب ال دي ن و إن ا هو خرب أو مت صل بال شعر واخل رب«ساكتا عن معنى آخ ر ظل م الزم ا لكلمة أدب منذ الع صر الأم وي وه و الأخ ل الق فابن املقفع له» أالدب ال صغري«و«أالدب الكبري«وقد أ شار بو ضوح إىل أنهما يف الأخ ل الق وي وؤك د ه ذا أي ض ا عبد احلميد- كاتب مروان بن حممد - إذ ا ستعمل كلمة أدب مبعنى أخالق يف كثري من ن صو صه. لقد شبه ابن املقفع الأدب بالغذاء فهو جمموع النقول واملرويات من أالخبار و الأقوال امل أاثورة الداعية ب صورة مبا شرة أو غري مبا شرة إىل التحلي مبكارم أالخالق. وي ش ري اجل اب ري أي ض ا إىل أن الأدب يف ا ص ط الح ال ف ق ه اء كالتكملة لل سن ة وذل ك» أن الواجب ما شرع الإكمال الفر ض وال س ن ة الإك م ال ال واج ب و الأدب الإك م ال ال س ن ة«وع ل ى ه ذا الأ س ا س حت دث وا ع ن آداب ال ع ب ادات وال ت ي جمعت فيما بعد حتت عنوان» آالداب ال شرعية«وابن عربي يف ضل لفظ» أدب«على لفظ» أخ ل الق«وي ق دم ت صنيفا آخ ر ل ل الأدب متفرعا عن ثنائية شريعة/حقيقة التي حتكم التفكري ال صويف وهو عنده ق سمان: أدب ال شريعة و أ دب احلقيقة وكالهما متقابالن إذ ال شريعة توؤخذ من الوا سطة )الر سول( أم ا احلقيقة فتوؤخذ بالك شف عندما ي صل املت صوف إىل درجة الفناء. فال شريعة أدب واحلقيقة ترك الأدب بالفناء إ ىل اهلل. ث م ي ستعر ض يف ال ف ص ول ال ث الث ة ال ت ال ي ة م ن ه ذا الق سم: أ سباب ح ضور موروثات ثقافية يف ال ساحة العربية وهو ح ضور امل ستوى ال ع ادي لتداخل الثقافات وك أان ه ظ اه رة ال ميكن أن تف سر إال بالغزو الثقايف الذي ي صاحب أو يتبع الغزو الع سكري وال سيا سي م رك زا على أزم ة القيم ال ت ي ع ان ى منها املجتمع ال ع رب ي الإ س الم ي وال ت ي أف رزت ه ا الفتنة ال ك ربى وعم قتها أالحداث والتطورات التي تلتها. ومل ا ك ان النقا ش ح ول معطيات ه ذه أالزم ة ق د ارت ف ع خالل الع صر أالم وي إىل م ستوى»ال ت ع ايل بال سيا سة«فقد ف سح املجال للنظر والبحث عن حلول فكرية الأزمة القيم امل ستفحلة وهذا النقا ش الذي أطلق عليه فيما بعد ا سم علم الكالم تعامل م ع أزم ة ال ق ي م م ث ري م و ض وع ات ه ي م ن صميم ال ب ح ث يف الأخ ل الق وق د ا ستنتج اجل اب ري هنا أن النتيجة كانت سلبية فاملتكلمون م ن معتزلة و أ ش ع ري ة بحثوا بعمق يف مو ضوعات ت ع رف يف ال ف ك ر الفل سفي»بامل شكلة الأخ الق ي ة«فف صلوا يف ق ض اي ا احل ري ة وامل س وؤول ي ة واجل زاء ووج ه ات احل ك م على أالف ع ال ورغ م أن ه م أج م ع وا ع ل ى أه م ي ة دور ال ع ق ل - س واء بو صفه شرطا يف التكليف أو ملكة الإدراك احل سن والقبيح والتمييز بني اخلري وال شر- فاإنهم مل يخ صوا القيم و أالخالق بنظر وا ستدالل يتعامل معها كعلم قائم بذاته. ل ذا ع اد اجل اب ري للتاأكيد أن ه«يف ال ب دء كانت أزم ة قيم«هذه الأزمة التي تطورت سيا سيا إىل حماكمة النوايا بتوظيف أ سئلة إره اب ي ة ح ول مرتكب الكبرية و إالمي ان والكفر وال ف رق بني الكافر والفا سق والق ضاء والقدر وامل شسؤولية واجلزاء...«. وبدا وا ضحا تنويه اجلابري باحلل الذي ابتكره وا صل بن عطاء بدعوته إىل منطق»ثالثي القيم يقول باملنزلة بني املنزلتني بني الإميان والكفر مثبتا اخلط أا يف حق جميع الذين شاركوا يف الفتنة الكربى ومنهم صحابة كبار ولكن ال على التعيني«هذا احلل فتح النقا ش النظري واالجتهاد الفكري للبحث عن طريق لتجاوز الأزم ة وهو حل معقول كمخرج نظري ولكنه مل يكن مطلوبا وال معقوال كمخرج سيا سي الأن امل شكلة سيا سي ة أ صال. فاالأمويون يطلبون حال فكريا آخر صاحلا للتوظيف ال سيا سي ل ف ائ دت ه م ح ال ي ت ج اوز أزم ة ال ق ي م ال ت ي ت ط ورت إىل أزم ة سيا سية خانقة عم قها متزق املجتمع والدولة يف آخر عهدهم. وياأتي أفالطون - تلميذ سقراط - ليو سع هذه الأفكار فيف صل يف ع امل امل ث ل حيث النماذج الثابتة ويتحدث عن ق وى البدن وف ضائلها و أن ال ت وازن بينها ه و عماد احل ي اة ال سعيدة و أن ال سعادة ال تكون م ع اجل ه ل ول و ك ان اجلهل مقرونا باللذات كلها وال يرى أفالطون مانعا من حت صيل العلوم جميعها من ضرورة التمييز بني اللذات احلقيقية وتلك ال شهوانية التي هي يف احلقيقة ف رت ت تف صل بني أمل ني فاللذات التي تتناغم مع العلم ت زداد ب ازدي اده فيتحول العلم إىل ل ذة وال ل ذة إىل علم ومثل هذه اللذة نوذج من ال سعادة املطلقة وهي يف الوقت نف سه اخل ري امل ط ل ق وال و ص ول إل ي ه يحتاج إىل ت دب ري إىل سيا سة ال ن ف س وه ي تتلخ ص يف حت ق ي ق ال ع دال ة ب ني ق وى النف س الثالث: الف ضيلة وال سعادة و أالخالق. deeko123@hotmail.com

4 4 ربيع األول نوفمبر 2017 م المجتمع الخيري وتحول مفاهيمه عبر التاريخ أا سماء القطيبية يف مقاله»املجتمع اخلريي وفعالية منظومة القيم يف التجربة التاريخية«- واملن شور مبجلة التفاهم«- يناق ش صالح الدين اجلور شي مفهوم اخلري ضمن منظور إ سالمي معتربا - ا ستنادا على الأدلة الدينية- اخلري هو أ سا س الطبيعة الب شرية و أن التحدي الذي يواجهه الب شر منذ نزول سيدنا آدم من اجلنة إىل أالر ض هو تهذيب نزعة ال شر املغرو سة فيهم والتي إن وجدت بيئة خ صبة نت وترعرت وعاث صاحبها يف الأر ض ف سادا و إن مما يعني املوؤمن على كبح جماح النف س الأمارة بال سوء هو اجلزء الذي وعده اهلل يف الآخره أال وهي اجلنة النموذج املثايل للحياة ال سعيدة التي ال يكدر صفوها أي مكدر. ن اق ش اجل ور ش ي يف م ق ال ت ه م ف ه وم امل ج ت م ع اخل ريي و الإن س ان ال ر س ايل وال ذي تتمثل أبهى ص وره يف ال ر س ول ح ي ث ك ان امل ج ت م ع متحركا ب وح ي س م اوي حت ت ق ي ادة حكيمة م ن ال ر س ول أالمني وبذلك أ صبح املجتمع إال سالمي جمتمعا خريا هذبت فيه النفو س و أ صلحت به الأح وال و آزر النا س بع ضهم بع ضا ثم بعد أن تويف الر سول ح دث ش رخ ك ب ري يف ن س ي ج امل ج ت م ع الإ س الم ي و ص ل إىل ح د ال ت ق ات ل ب ي ني ص ف وف امل س ل م ني أنف سهم وه ذا ما ميكن تف سريه بعدة تف سريات يهمنا منها أن نزعة ال شر مهما هذبت يف النف س الب شرية تبقى حا ضرة م ستعدة للظهور إذا ما ه ي اأت ل ه ا ال ظ روف ل ذا ف إان أول ئ ك ال ذي ن مل ياأخذوا من الدين روحه ومن أ سلم منهم بق صد امل ال واجل اه وال رف ع ة ان ب ربوا ي ظ ه رون رغباتهم اخلفية يف التملك و إالي ذاء حيث إن حب اخلري ال يرتبط بنظام معني أو بوجود القدوة )كالنبي حممد يف هذا املثال( و إنا من إح سا س ال شخ ص بامل شوؤولية جت اه نف سه وجمتمعه وارت ك ازه على ثوابت ومنظومة أخالقية ومتى ما فقدت هذه العنا صر أ صبح املجتمع مهدد ا على شفا حفرة من الظلم والطغيان. إن علينا الت سليم و الإق رار ب اأن املجتمع النبوي ك ان جم ت م ع ا م ث ال ي ا و أن ه م ن غ ي ري امل م ك ن أن ي ستمر بطبيعته تلك وفقا لنظام احلياة وتبدل الظروف و أالح وال و أالجيال ولكنه كان نوذجا تاريخيا مهما وم ازال فكما يقول صالح الدين اجلور شي : إن املجتمع النموذجي الذي حتقق يف مرحلة من مراحل التاريخ تبقى قدرته يف إاللهام ولكنه ل ن يكون ق ادرا على التكرار واال ستن ساخ مهما كانت درج ات الإخ ال ص والتقيد بتفا صيل ذلك النموذج«و إننا نرى يف واقعنا املعا صر كيف ف شلت كثري من الأنظمة وحتى املجموعات التي ح اول ت أن ت ك ون جمتمعا ي شبه املجتمع النبوي دون االل ت ف ات ل ل الخ ت ل الف ال زم اين وامل ك اين واحل ضاري والثقايف بني املجتمعني بل إن النظام ال ذي ح اول ذل ك أخ رج أف رادا م ش ت ت ني غري ق ادري ن ع ل ى ال ت وا ص ل م ع ال واق ع وم ع التطور احلا صل يف ال ع امل وغ ري ق ادري ن على تلبية ما يطلب منهم من التزام وم شوؤوليات صارمة. ومن بني هوؤالء خرج املتطرفون سواء الذين غالوا يف ال دي ن و أب اح وا ال دم اء با سمه أو ال ذي ن رف ضوا الدين بالكلية كردة فعل على الأزمة الفكرية التي و ضعوا فيها. إن الإ سالم الذي يحث على اخلري و ضع من ضمن ت شريعاته الزكاة كركن أ سا سي من أركان الإ سالم وهو العمل اخلريي الثابت الذي ألزم به الأغنياء يف أي زم ان ومكان لفئات حم ددة من النا س. ثم إنه حث على العمل اخلريي يف الوقف وال صدقة ال ت ي ال تقت صر على امل ال ال ذي ه و زي ن ة احلياة الدنيا ومتعتها و إن ا ت شمل الأف ع ال إالن سانية الب سيطة كاإماطة الأذى عن الطريق والتب سم. بحيث ال يعذر أي ف رد م ن العمل اخل ريي ال ذي يقدمه يف جمتمعه. وحيث إن احل اج ة امل ادي ة يف فرتة النبوة والدولة املدنية احلديثة كانت تتمثل يف بناء امل ساجد وحفر الآبار و إطعام الطعام كان النبي ومعه أ صحابه يحر صون على توجيه أموال امل سلمني إليها وبالطبع فاإنه مع تبدل الأح وال وت ع اق ب الأزم ان ت غ ي ريت م ص ارف ال ص دق ة فكما ن رى يف زماننا ه ذا ف اإن امل ساجد ق د كرثت وتقاربت فلم يعد املجتمع بحاجة إليها كحاجته إليها سابقا بينما أ صبح التعليم مثال ضروريا رغ م تكلفته الباهظة - ومل يكن كذلك يف ع صر النبي وال صحابة - ل ذا ف اإن فهم روح ال صدقة ومعناها سيدرك أن متثل سنة النبي هو يف و ضع ال صدقة يف مكانها ال صحيح ال يف تقليد الفعل نف سه. كما أن التقارب الذي ح صل بني املجتمعات امل سلمة وغ ري امل سلمة يجعل الفرد املحب للخري م ست شعرا ملعاناة الإن سانية متلهف ا مل ساعدة آالخر ب غ ض ال ن ظ ر ع ن دي ان ت ه وه و م ا الي ت ن اف ى مع م ب د أ الإ س الم يف عمل اخل ري وال ذي م ا أت ى إال ليكمل مكارم الأخالق التي نادت بها كل الديانات ال سماوية. إن امل ج ت م ع اخل ي ريي ه و امل ج ت م ع ال ذي ي ت ب ارى فيه أف راده لفعل اخل ري أالن ه م يح سون ب أاث ره يف نفو سهم ويف تبدل أحوال املجتمع لالأف ضل وهذا ال يتاأتى إال بوجود منظومة إداري ة أمينة ت ساعد على حتقيق ذلك باإن شاء دور للزكاة ودوائر للوقف وجمعية خ ريي ة م وث وق ة يطمئن إل ي ه ا ال ن ا س ويلجاأ إليها املحتاج وهذا ال يتحقق إال يف أالنظمة العادلة الواعية باأهمية مثل هذه ال شراكة دون أن ي ؤودي ذل ك إىل ت ه اون ه ا ب دوره ا يف حت سني أح وال ال ن ا س امل ع ي ش ي ة وت اأم ي ني ع ي ش ة ك رمي ة للمحتاجني و أاليتام. ومتى ما حتقق ذلك و صلت املجتمعات إىل نوذجها املثايل اخلا ص وحققت مقا صد الدين وروحه احلقة. asmaalqutibi@gmail.com

5 الوظيفة المقاص دية.. مششروعيتها وغاياتها ربيع األول نوفمبر 2017 م 5 وليد العربي يف مقال بعنوان»مقا صد ال شريعة: بني أ صول الفقه والتوجيهات النه ضوية.. التاأ سي س والتوظيفات احلديثة«-واملن شور مبجلة»التفاهم«- ي شري الكاتب إىل أن بدايات التفكري الأ صويل يف التعامل مع ال شريعة الإ سالمية منذ القرن الثاين للهجرة قائم على أمرين أ سا سيني للغاية أولهما: إاللزام والتكليف والثاين قائم على فهم الن ص والعرف ال شرعيني ويعمتد عليهما قدرة املكلف على تطبيقها يف شتى جماالت احلياة وهناك عمليتان لهذين الأمرين هما -عملية تعقل الإلزام والتكليف- وعملية فهم الن ص والعرف من أجل التطبيق. لذلك يعتقد الكاتب أن هناك ن صني أ سا سيني وهما: الن ص الأول مرتبط بالر سالة ل إالمام ال شافعي عام 204 هجري والن ص الثاين كان لعلي بن املديني عام 235 هجري حيث وجود مفهوم ال سلطة كان له دور وثيق جدا ل شغل هذه الن صو ص والتي قد تكون مرتبطة باأ صول الفقه وال شريعة.. و أن الإلزام والتكليف دائما ياأتيان من اهلل سبحانه وتعاىل وهنا يكمن مفهوم ال سلطة. لذلك ال شافعي مل يهتم كثريا بالن ص أالول أو الر سالة و إنا حيز عمله على م صادر الت شريع. فنجد أن ال شافعي قد ربط ال سنة النبوية باملفهوم اجل دي د وال ن ص ال ق ر آين يف الإل زام لذلك در س يف علم البيان والقواعد العربية لفهم الن صو ص وم ن ث م حتليلها حتليال صحيحا لفهم ال ن ص أوال و أوج د و سيلة لربط الن ص بالوقائع و الأحداث املتغرية امل ستقبلية من خالل و سيلة القيا س. ويف امل ق اب ل جن د أن عليا اه ت م مب ع رف ة ال ع ل ل و أط ل ق عليها مفهوم»طبقات أه ل العلم«التي دائما ما تكون خمت صة باأهل ال ع ل م و أه ل ال سلطة ال ذي ن يفهمون ال ن ص فهما صحيحا ولديهم ال ق درة على اال ش رت ع وامل ع رف ة وال ت ي تكتمل بوجود ثالث مراحل أ سا سية هي: جمع القر آن وحفظه جمع املرويات ع ن ال ن ب ي وح م ل ال ع ل م امل وروث م ن أالج ي ال امل ب ارك ة: جيل ال صحابة وجيل التابعني وجيل تابعي التابعني. وق د شهد القرن الثالث الهجري صراعا عنيفا يف شتى أم ور احلياة وبروز املجادلة يف ال س نة والتي هي م صدر من م صادر الت شريع إال سالمي من بعد القر آن الكرمي كما حدث صراع أي ضا يف ال سلطة الفقهية. ومع تبلور املدار س الفقهية يف القرن الرابع الهجري ثبتت اخلطوط الن صية التابعة لل شافعي وابن املديني وتالميذهما. ومن منطلق آخر جند أن الفقهاء أالحناف أ صروا كثريا على التم سك باال ستح سان وغالبا ما كان ال شافعي واملحدثون قد جادلوا يف ذل ك و أظهر املالكية أي ضا امل صالح املر سلة يف حني أ صر احلنابلة على ر أي ال صحابة وبقي هناك من قال إن جميع ه ذه ال ت اأم الت الب د م ن إحل اق ه ا ب ال ق ي ا س وت ن س ب امل ص ادر الأ صولية على أن ال شريعة أنزلت ل صون م صالح العباد ويوجد هناك الكثري من خري أالمثلة على ذلك كاأبي القا سم الكعبي والقا ضي عبداجلبار يف كتاب الع م د و شرح املعتمد الأبي احل سني الب صري و أبي بكر اجل صا ص صاحب كتاب» أحكام القر آن«. ويظهر أن حتديد ال ضروريات الكربى من ال شريعة هي صون الدين و صون النف س و صون العقل و صون الن س ل و صون املال وقد ذكر آالمدي عام 631 هجري املقا صد اخلم سة التي مل تخل رعايتها ملة م ن امل ل ل وال شريعة م ن ال ش رائ ع وه ي ال دي ن والنف س والعقل والن س ل واملال. وعندما نذكر مقا صد ال شريعة اليوم جند أن ما كتبه إبراهيم ب ن م و س ى ال ش اط ب ي يف ك ت اب ه»امل واف ق ات«وال ذي ق س م إىل ق سمني أ سا سيني: ق سم ق صد ال ش ارع وق صد املكلف ت أاليف كتابه هذا نتج لثالثة أغرا ض وهي: إي ضاح أن ال شريعة أ نزلت ل صون م صالح العباد وميكن تعليل التف صيل باالأبواب و إدراك اال ستقراء. ل ذا جند أن هذا الق سم من علم أال صول هو علم يقيني الرت ب اط ه باملقا صد ال ض روري ة اخلم سة وال ت ي دائما ت ذك ر يف ك ل امل ج االت ول ل ح ف ظ ج ان ب ان: احل ف ظ م ن جانب ال وج ود واحلفظ من جانب العدم وم ن ه ذا املنطلق جند أن هناك فروقا بني فهم املقا صد القدمية واال ستعماالت حديثا ومتر بعدة مراحل منها: - أوال: مرحلة الن ضح عند الأ صوليني ويوجد تطور من فقه التعليل إىل فقه حكمة الت شريع. - ثانيا: وجود غمو ض بني مقا صد ال شريعة و أ صول الفقه و أن فقه املقا صد ال يخرتق علم أ صول الفقه. - ثالثا: ارتباط مبا شر إذا وجدت نتائج عمل الأ صويل أو عمل الفقيه أو القا ضي. - رابعا: عدم تاأثري علم املقا صد على علم الفقيه. واجل دي ر ب ال ذك ر ف ق د ا س ت ع ر ض خ ي ري ال دي ن ال ت ون س ي يف» أق وم امل سالك«بع ضا من جت ارب ال دول الأوروب ي ة يف عملية النهو ض والتنظيم م شابهة البن خلدون حني ذكر أن ال شريعة الإ سالمية كافلة مل صالح الدارين. وعندما نتاأمل فيما ركز عليه خري الدين جند أنه ينا شد علماء ال دي ن دع م م ش أالة التنظيمات أو موؤ س سات ال دول ة احلديثة ل سببني: أن ال شريعة الإ سالمية كافلة مل صالح الدارين فاإن مل يهتموا باحلياة الدنيوية فقد اختل شرط م صالح ال داري ن! وال س ب ب ال ث اين ي ع ود إىل أن ال ت ق دم الأوروب ي ق د ي دخ ل يف ال ش وؤون الدينية وال سا سية فالبد م ن أخ ذه بعني االعتبار وهناك و سيلة مهمة جدا ب ش أان هذا الأمر وهي القول باقتبا س كل ما يوافق ال شريعة الإ سالمية. وانطلقت دعوة كبرية للتجديد الفقهي يف كل من م صر وتون س و أ ن ش ئ ت م دار س فقهية ج دي دة ت دع و إىل التجديد الفقهي وخري مثال على ذلك جامعة أالزهر يف م صر بجانب»الزيتونة«وك اله م ا لها دور يف جت دي د الفقه ح سب م ا ي الئ م ال شريعة الإ سالمية على نحو أ س س وقواعد دينية صادقة بن اءة. هناك كتابان خمتلفان يف ال روح واملق صد وكالهما بت أاليف ال شاطبي وه م ا:»امل واف ق ات«و«االع ت ص ام«أالول يف كتاب ال شريعة والغر ض منه صون امل صالح ال ضرورية واحلاجية ل ل ع ب اد أم ا»االع ت ص ام«ف ه و ك ت اب ح ول ال دع وة ل الل ت زام ب ال ك ت اب وال س ن ة وه و ش ب ي ه ب ح د ذات ه ل ك ت ب ال س ن ة عند احلنابلة وكتاب الب دع عند املالكية. ويف ال ق رن ال ع ش ري ن ك ان ال ه م أوال يف إث ب ات إم ك ان قيام منظومة إ سالمية فكرية وثقافية م ستقلة ترتبط م ع كل اجلوانب واحل داث ة النظرية والعملية من منظور إ سالمي وق د ك رثت ب ح وث املقا صد يف الآون ة أالخ ي رية وال ت ي تعنى ب اإ س الم ي ة امل ع رف ة و إ س الم ي ة ال ن ظ ام امل ايل وال د س ات ري إال سالمية و إ سالمية حقوق إالن سان. وجن د ه ن اك ث ل الث م راح ل ل ظ ه ور ف ق ه امل ص ال ح وامل ق ا ص د وحكمة الت شريع: يف امل رح ل ة ال ق دمي ة: ت شكيل بنية مقا صدية م وازي ة لعلم أ صول الفقه عرب أربعة قرون ومن غري املمكن اخرتاق علم الأ صول. يف املرحلة الثانية وه ي املرحلة احلديثة: إج راء حم اوالت يف ج ع ل امل ق ا ص د وفقهها مب ث اب ة اله وت للنهو ض وال ت ق دم و إال صالح الديني وقد تراجع االهتمام مب سائل املقا صد وروح ال شريعة وحكمتها يف امل شرق العربي ومن جهة أخرى ا ستمر االهتمام يف املغرب العربي. وهناك الكثري من احلوا شي التي تدل على التجديد من كتب ورواي ات ح دي ث ة منها: ك ت اب»ال ر س ال ة«ل الإم ام ال شافعي وكتاب» الأم ة واجلماعة وال سلطة«لر ضوان ال سيد وكتاب» ش ف اء ال غ ل ي ل«ل ل غ زايل وك ت اب»ق واع د الأح ك ام«الب ن عبدال سالم ور سالة»مقا صد ال شريعة«لنور الدين بوثوري. و أخ ي ري.. ش ه د ف ق ه امل ق ا ص د ت ط ورا وات س اع ا وال ن ه و ض بقوة مما ك ان عليه سابقا فقد شكل نقطة مرجعية للنظام الإ س ل الم ي ع ن د الإ س الم ي ني اجل دد وي ح ل م ك ان ال ف ق ه ال ق دمي ال ف ق ه اجل دي د وه ن ا ب اإم ك ان ن ا ال ق ول»ف ق ه جديد لزمان جديد«. wali7-alabri@hotmail.com

6 6 ربيع األول نوفمبر 2017 م الولاء المطلق.. ظاهرة حديشة! منال املعمرية ي فتتح طالل أ سد مقاله - املن شور مبجلة»التفاهم«ببع ض الآراء واالنطباعات ال سلبية ال سائدة حول والده املفكر حممد أ سد إبان حياته والتي كر سها يف درا ساته املتعمقة لالإ سالم إ ضافة إىل عمله على م شروع إقامة وتاأ سي س دولة إ سالمية م ستقلة و أعماله الفكرية التي تخ ص إال سالم املوجهة للغرب إذ اعترب حممد أ سد أحد أكرث م سلمي أوروبا يف القرن الع شرين ت أاثريا. وكان مما ي شاع عن حممد أ سد أن هدفه الأول هو لربلة إال سالم وبناء اجل سور بني الإ سالم والغرب. إال أن طالل أ سد وعرب هذا املقال والذي كان سابقا ورقة مقدمة للم ؤومتر العاملي بالريا ض املنعقد يف العام 2011 سعى إىل أن ينفي هذه التهم و أن يعر ض الأفكار الرئي سية والروؤى التي سيطرت على فكر والده حممد أ سد وذلك بحياد مو ضوعي تام يت سم بالر صانة واجلدية. ي ق ول ط ل الل أ س د: «ك ان وال دي م ف ك را دي ن ي ا ومل ي ك ن رج ل سيا سة وقد عد القر آن وال سنة الركنني أالمثلني للهداية واحلياة إالن سانية الر شيدة... إن أول و أهم فكرة يف روؤية والدي لالإ سالم أن ال دخ ول إل ي ه يعتمد على ال ع ق ل ل ذا ف اإن احل ج اج ض روري للدخول يف الإ سالم وللبقاء فيه. وعندما كنت صغريا اعتاد والدي على القول يل: إن على الواحد منا أن يتعامل مع املوؤمن وغري املوؤمن لي س بالعنف بل باحل سنى وهذا الذي عناه القر آن بقوله:»ال إك راه يف ال دي ن«. ويتابع ال وال د ب أان ال ق ر آ ن امل وح ى م ن اهلل سبحانه يدعو الب شر إىل دينه بالعقل وعندما نقر أ القر آن قراءة متاأنية نالحظ أنه يخو ض جداالت ويثري الأ سئلة با ستمرار أالنه بهذه الو سيلة يدفع ال سامعني لالإ صغاء والتقدير. فبالن سبة ملحمد أ س د ف اإن العقل م رك زي عند امل سلمني لي س فقط يف الطريقة التي كانوا يتوجهون بها إىل غري امل سلمني بل ويف الطريقة أو النهج ال ذي ينبغي أن يتعاملوا به فيما بينهم خا صة يف معاجلة اخلالفات والنزاعات و سواء أكان ذلك يف ال ش أان العام أو ال شوؤون اخلا صة. ومن وجهة نظره ف إان اخلالف الوا سع أو العميق ال ينبغي أن يدفع املتخا صمني من امل سلمني أو يوؤدي إىل تكفري أحدهما الآخر بل ينبغي ال سلوك يف النزاعات م سلك الإ ص رار املن ضبط ال ذي يحرتم فيه ك ل ط رف قرينه عندما ال ي ك ون ممكنا التو صل الت ف اق. ل ذل ك فهو يقتب س م رارا أالث ر املن سوب للنبي - صلى اهلل عليه و سلم: اختالف علماء أمتي رحمة. وقد اختلف هو نف سه اختالفا بارزا مع عدد من العلماء واملثقفني امل سلمني ب شاأن الفهم ال صحيح مل سائل ع ق دية إ سالمية و أخرى يف املمار سة لكنه ظل دائما يكره التع صب والت شدد والغلو يف الدين ثم إن ه كان يكره الت صرفات ال شائنة التي ت رتكب با سم احلر ص على الدين سواء من جهة العامة والغوغاء أم من أالف راد من جهة الدولة. فالفرد يكون م سلما إذا أعلن ذل ك أم ا اجلدية أو عدمها فهي أمر بينه وبني اهلل وحده. ومن هذا املنطلق فاإن حممد أ سد يوؤكد أن الإ سالم لي س دين عنف كما يزعم الغرب و أن امل سلمني مل ين شروا دينهم باالإكراه وبالقوة -با ستثناء حاالت قليلة ال تنق ض القاعدة. والتعبري أالحدث عن هذا الزعم جنده يف حما ضرة البابا احل ايل بنديكتو س ال ساد س ع شر بجامعة رج سنبورج عام 2006 والتي ادعى فيها أنه يف حني يقع العقل يف املركز ل دى امل سيحيني يف التاريخ فقد ك ان غائبا يف التاريخ الفكري لالإ سالم وهذا هو ال سبب الذي جعل الإ سالم يعتمد على القوة والعنف. وهذا ادعاء كاذب! لقد أث ار حممد أ س د ق ضية ض رورة إق ام ة ال دول ة الإ سالمية والتي أ س سها على العقل. فبالن سبة ل ه ف اإن الأخ الق والقانون هما شيء واح د. فقد ك ان يعتقد ب اأن الدولة ال ب د أن تبنى على أ س س دينية وذلك الأن الدولة هي وحدها التي ت ستطيع أن تعطي القانون إاللهي القوة التي يحتاجها و شرع اهلل ) إرادة اهلل( هو م صدر القيم أالخالقية كلها وم صدر ال سعادة. وهنا ياأتي ال شوؤال املقلق: هل من املمكن لغري امل سلمني أن يعي شوا أخالقيا يف دولة إ سالمية وي رى حممد أ سد أن غري امل سلمني ينبغي أن يتمتعوا باحلماية الكاملة لكنهم ال ي ستطيعون تقلد منا صب سامية يف الدولة و أن ه ذا الأم ر ال يعد متييزا أو معاملة غ ري ن زي ه ة ب ل إن يف ذلك اعرتافا ب أان»غري امل سلمني ال يجب أن يكونوا م والني متاما للدولة«التي حتمل أيديولوجيا تختلف عن تلك التي يحملونها أو يعتقدونها. وبعبارة أخرى فاإنه من حق الدولة على م شوؤوليها الكبار مطالبتهم بالوالء الكامل ملقت ضياتها وم صاحلها كما أنه ي ك ون على أول ئ ك امل س وؤول ني أن ي اأم ن وا ط اع ة وخ ضوع الرعايا ا ستنادا العرتافهم ب شرعيتهم. و أالن غري امل سلمني غري قادرين على أداء هذين الواجبني يكون من ال ضروري االع رت ف بعدم قدرتهم على تويل املنا صب الكبرية واحل سا سة يف الدولة. ويف هذا اجلانب فاإن طالل أ سد ينتقد وب شدة هذا التوجه الذي ذه ب إل ي ه وال ده. حيث ي ب د أ النقا ش بالت أاكيد على أن مطالبة الدولة لرعاياها أو مواطنيها بالوالء املطلق ظاهرة حديثة فهي تعود إىل ع صر الدولة الوطنية. أما يف الأزمنة ما قبل احلديثة ف إان املطلوب ك ان والء النبالء واجل نراالت واحلكام ولي س عامة النا س. و سبب إ صرار الدولة على ال والء الكامل هو خوفها من أالع داء اخلارجيني من ال دول املعادية و أالع داء الداخليني من اخلونة لذلك جندها ت شدد على الوحدة. وعندما ال يتم االلتزام مببادئ ال والء والطاعة ف إان ال دول الوطنية تلجاأ إىل القوة يف الإخ ضاع ب شتى ال سبل و الأ ساليب بغ ض النظر عن االختالف أو التفاوت. وبالطبع لي س كل شيء ظهر يف الأزمنة احلديثة جيدا و إيجابيا. إن الدولة الليربالية احلديثة هي مناط اخلري العام من جهة ولكنها م صدر حمتمل للق سوة والقمع. فعندما تخاطب احلكومة املواطنني فاإنها ال ترجوهم بل تعاملهم ب إامرة القانون من أج ل»حتقيق ال صالح ال ع ام«وه ي ق ادرة على معاقبتهم إذا ع صوا أو خ ال ف وا. اح ت ك ار ال دول ة للعنف م ن ج ه ة و سيطرتها على البريوقراطية من جهة ثانية هما الأم ران اللذان يعطيان احل ك وم ة س ل ط ة ه ائ ل ة ال مي ك ن أن جت ت م ع ل ل م واط ن ال ف رد. صحيح أن ال دول ة الليربالية العلمانية حتمي ح ق املن شقني يف االع ت رت ض ل ك ن لي س ه ن اك دول ة م ن خ الل حكومتها ت سمح بالتجاوز عليها وعلى قوانينها حتت أي ا سم أالن يف ذلك تهديدا لوجودها املقد س. ه ذا ه و ال والء املطلق ال ذي دع ا إل ي ه حممد الأ س د وال ذي مل يتواجد أ سا سا يف التقليد الإ سالمي ال سلفي! فنتيجة غياب نظرية ال سيادة يف التقليد إال سالمي فاإنه سواء كانت الدولة حتت ضن أيديولوجيا دينية أو علمانية و سواء كانت تدعي متثيل اهلل سبحانه أو تقول بال سلطة الدنيوية العادية ف إانها ال ت ستطيع أن تطلب من مواطنيها والء مطلقا. وهناك بني القائلني بالدولة الإ سالمية اليوم من يوؤكدون على أن اهلل ميلك ال سيادة أو احلاكمية فيها. إنا وبح سب الر ؤوية القر آنية فاإن كل شيء يف ه ذا ال وج ود يقع حتت ق درة اهلل وم شيئته فكيف يكون بو سع ال دول ة وه ي تركيب اجتماعي أن تطلب م ن مواطنيها ال والء امل ط ل ق! ف ال دول ة يف الإ س الم ال ت ستطيع أن تتكلم كما يتكلم اهلل إنها خملوق ولي ست خالقا. يف ح ي ني ي ق ول حم م د أال س د ب اأن ال رع اي ا غ ي ري امل س ل م ني ال ي ستطيعون أن يعطوا الدولة الإ سالمية والء مطلقا ف إان طالل يوؤكد أنهم ي ستطيعون ذلك بل ذهب إىل أن فكرة الوالء املطلق يف الإ سالم تبقى غريبة. ويف ت صور الدولة الإ سالمية التي أراده ا حممد أ سد ف اإن غري امل سلمني لهم ح ق االخ ت الف وال ذه اب إىل معار ضة احلكومة علنا. ولكن ال شوؤال هنا: إىل أي حد ي ستطيع غري امل سلم معار ضة حكومة إ سالمية قائمة هي باملعنى ال ضيق لي ست حكومته هو وه ذا الأم ر ال يتعلق بب ساطة ب اخل وف ب ل يتعلق ب امل ش ارك ة. فالدولة الإ سالمية -ح سب ه ذا الت صور- ملزمة بحماية غري امل سلمني مب ا يف ذل ك إع ط ا ؤوه م حرية التعبري وح ري ة الإمي ان والعبادة. لكن االلتزام بحماية كل أحد وحقوقه على قدم امل ساواة ال تعني احلق بامل شاركة بالت ساوي يف احلياة العامة. manalalmaamari1@gmail.com

7 ربيع األول نوفمبر 2017 م 7 تاريخ كنوز مص ر القديمة وا سسرارها اأمين البيماين لطاملا عرج النا س والباحثون واملوؤلفون وعلماء الآثار إىل احلديث عن كنوز م صر القدمية واملخب اأة يف مدافنها ومقابرها منذ آالف ال سنني. وبطبيعة احلال تختلف الروايات والق ص ص والكتابات حول أ صل هذه الكنوز و أ سرارها وخباياها ولذلك قد تنت شر مع تلك الروايات بع ض الأ ساطري واخلرافات التي هي نتاج عوامل اجتماعية أو سيا سية أو غريها. وهكذا نحلل هنا مقالة عمرو عبد العزيز منري -واملن شورة يف جملة»التفاهم«- بعنوان: )كنوز م صر القدمية: الأ سطورة والتاريخ(. لعل من أق دم من حت د ث عن كنوز م صر هو تقي الدين املقريزي حيث ذكر أن أحد أهم العلوم التي ن ش أات بف ضلها هو»علم الكنوز«وهو عبارة عن الوثائق و الأدل ة والروايات عن أ سرار و أماكن تخزين الأموال والكنوز والذخائر إب ان حقب م صر الفرعونية وما بعدها يف الأه رام ات واملقابر واملدافن. وقد ح م ل أغلب تلك الوثائق والربديات بوا سطة الروم وم ستعمري م صر إىل كني سة الق سطنطينية وبقية أديرة أوروبا وكنائ سها لالحتفاظ بها. مل يخل القر آن الكرمي من ذكر م صر وكنوزها وخباياها يقول تعاىل: )ف أا خ ر ج ن اه م م ن ج ن ات و ع ي ون و ك ن وز و م ق ام ك ر مي )»ال شعراء: 58.57«. وتواترت الروايات والق ص ص و الأخ ب ار ع ن ت ل ك ال ك ن وز ف ق ال ال رح ال ة ال ع ث م اين ) أول ي اج ل ب ي(:»وحت ت وي الأرا ض ي امل ص ري ة ع ل ى كنوز عظيمة ودفائن ج سيمة وخبايا كثرية ومطالب عزيزة«. إن ظ ه ور أخ ب ار تلك الكنوز ك ان داف ع ا للخيال ال شعبي القدمي يف م صر باحلديث عنها وتداول املو ضوع وتاأريخه فمنهم م ن روى أن تلك الكنوز ه ي كنوز ف رع ون ور أى آخ رون أنها كنوز يو سف عليه ال سالم وع رج آخ رون إىل ال ق ول إن الأم ر مرتبط بعقيدة امل صريني ال ق دم اء من ح ي ث اخل ل ود و الأب دي ة يف ح ي اة أخ رى وه و م ا يف س ره تقدي س عمليات ال دف ن واح رت م ه ا وال ت ي مل تكت شف أ س راره ا وخباياها إال منذ زم ن ق صري وبالتايل تفكري امل صري يف عامل خالد أث ر على حياته وعلى عمليات دفنه واحلفاظ على كنوزه. ومل تغفل مقد مة ابن خلدون ال شهرية واجلامعة أالخبار العرب وتفا صيل حياتهم عن ه ذا الأم ر فذكر أن أ صل وجود تلك الكنوز هم امل صريون القدماء )القبط( الذين حكموا م صر وك ان ملوكهم وم وت اه م يدفنون كنوزهم و أم وال ه م معه. حتى انق ضت دول ة القبط و أت ى الفر س والروم فعلموا عن أمر تلك الكنوز فنهبوها. وذكر آخرون أن تلك الكنوز املدفونة هي نتائج ال ضرائب القدمية يف م صر حيث إن ال ضرائب كانت تق س م الأربعة أق سام: ق سم للملك وق سم للع سكر واجلي ش وق سم آخر ل ل زراع ة وال رب ع الأخ ي ري ك ان ي دف ن يف أالر ض وامل داف ن واملقابر ومنه أتت الكنوز التي ضل ت مرتعا حلديث النا س والكتابات التاأريخية. أم ا ال رواي ات القائلة ب دف ن امل صري أالم وال ه م ا ه ي إال حقيقة وا ضحة ودليال على تطو ر سلوك إالن سان امل صري يف إخفاء ما يراه ثمينا عن أعني النا س أ و اخلوف والكبت من بط ش احلك ام. وك ان أغلب النا س يفعلون أالم ر ذاته ل ل درج ة ال ت ي ق ال فيها أح د امل وؤرخ ي ني:»ال ت خ ل وا ذراع يف أر ض م صر م ن ال ك ن وز ال ق دمي ة«. وك ذل ك ق د يكون للظروف ال سيا سية دور موؤثر يف هذا العمل فعندما أتى عمرو بن العا ص أن ذر النا س أن ه من كتم كنزا سيقتله ول ذل ك عمد ال ن ا س إىل دف ن ك ن وزه م عميقا ب ع ي دا عن أن ظ اره وم واراة ل رثوات ه م عنه. ول ذل ك ال ي سعنا إال أن ن شري إىل أن إح راز امل صري لكنوز كثرية و إخفائها كان ن ت ي ج ة ل ت داخ ل ع وام ل ك ث رية م ن ه ا اخل وف م ن بط ش احل ك ام أو اخل وف م ن احل سد أو حت س با ل ن وادر الدهر ون وائ ب ه أو ح ت ى رمب ا ط ل ب ا لل سرت يف أم وال م سروقة أو مكت سبة ب غ ري وج ه ح ق. ت ع ددت ال رواي ات واختلفت الروايات حول صح تها من عدمها وزادت أ سطرتها بني أل سن امل صريني وبقيت عبارة ) إخ راج ما حتت البالطة( إىل ي وم ن ا ه ذا ك دل ي ل وا ض ح و ص ري ح ع ل ى إخ ف ائ ه م ملا ميلكونه بدفنه حتت أالر ض!!! ق ال اب ن ال وردي:» إن م ن خ صائ ص م صر ك رثة الذهب وال دن ان ري«ون س ت دل ع ل ى عظمة ك ن وز م صر م ن املثل القائل:»م ن دخ ل م صر ومل ي ستغن فال أغ ن اه اهلل بعد ذل ك«. و إن ت ل ك ال ث رثوات العظيمة مل ت ك ن لت سلم من حماوالت التنقيب والبحث عنها. اجلدير بالذكر أن أو ل حم اوالت التنقيب ع ن ك ن وز م صر ح دث ت يف عهد أم ري م صر وموؤ س س الدولة الطولونية يف م صر وال شام أحمد ب ن ط ول ون ) م( ح ي ث ظ ه رت جم م وع ة من النا س ي سم ون )املطالبية( ال ذي ن يبحثون ع ن املطالب والكنوز وكانت لهم أدواتهم وثيابهم اخلا صة بهم. حتى علم احلاكم عنهم ومنعهم من ممار سة ذل ك العمل دون إذن منه ومبراقبة رجاله حتى أ صبحت عمليات التنقيب حتدث حتت مراقبة احلكام ثم ا ستطمع احلكام يف ذلك ف شاركوا يف عمليات البحث عن الأحجار والذهب واملعادن النفي سة لبناء الق صور وتزيني املباين. أم ا أحد الأ سباب أالخرى للعبث بكنوز ومدافن م صر فهو االعتقاد ال سائد باأن قليال من طحني أو م سحوق مومياء م صرية كفيل بال شفاء م ن العديد م ن الأم را ض وقد دافع الطبيب العربي امل سلم ابن سيناء عن أهمية املومياء العالجية كما شاع ه ذا الأم ر الحقا يف أوروب ا الو سطى ك أاه م ي ة ع الج ي ة دف ع ت الأوروب ي ي ني للتهافت إىل م صر والقاهرة خالل القرن ال ساد س ع شر و صاعدا للبحث عن القبور واملومياوات!!! إن م ش ارك ة احل ك ام وامل ل وك يف ال ب ح ث ع ن ك ن وز م صر ال ق دمي ة أ ض ر ك ث ري ب االإن س ان امل ص ري ودف ع ب ه إىل شرنقة الفقر املدقع وقمع احلكام حتى انت شرت اخلرافات و الأوه ام كما أ ش ار ال ب غ دادي ل ل درج ة ال ت ي أ ص ب ح فيها النا س يرون يف كل شيء دليال على كنز مدفون أو مومياء عالجية ولذلك هذا النهم العظيم و أ حالمهم يف الرثاء أدت إىل أزم ة أخالقية خ صمت من خانة أخ الق املجتمع امل صري ومل ت ضف عليه! و أك د اب ن خ ل دون يف مقد مته أن هذا ال سعي لي س إال ب سبب ضعف العقول والعجز عن ك سب املال بالطريقة الطبيعية وقمع والة املغلوب عليه. أالمر لل شعب إن وق وف اب ن خ ل دون وال ب غ دادي على ه ذه الطبائع ما هو إال دليل للك شف عن العوامل ال سيا سية واالقت صادية واالجتماعية التي دفعت باالإن سان امل صري بالعبث بركام املا ضي للنجاة من وحل احلا ضر وهكذا كان تاريخ آالثار امل صرية و الإن س ان امل ص ري العظيم ال ل ذي ن ي ب ذالن كل اجلهد من أج ل مقاومة الفناء يف ع امل طامع وراء املال والرثاء!!!! albimani92@hotmail.com

8 8 ربيع األول نوفمبر 2017 م تطبيق نظريات الماوردي على المجتمعات الهديشة سعيد ال شعيلي ميكننا تعريف املجتمع باأنه جمموعة من الأفراد تعي ش يف موقع جغرايف واحد تربط بني أفراده عوامل م شرتكة كاللغة والعادات والتقاليد. ولكل جمتمع قوانني و أعراف تنظم طريقة العي ش بني أفراده ويلزم جميع أفراد املجتمع التقيد بها فحتى اجلاهلي كان يلزم نف سه مبا ت لزمه به القبيلة: وهل أنا إال من غزية إن غوت//غويت و إن تر شد غزية أر شد.. ويف الع صر احلديث ومع ظهور املجتمعات املدنية وجدت منظمات دولية تعمل على سن القوانني مبا ينظم العالقة بني الدول. وو ضعت كل دولة قوانيها املحلية مبا ي ضمن املعي شة الكرمية الأفرادها. ولكن حتى قبل ظهور املجتمع املدين مل يغفل إال سالم عن و ضع أ س س العي ش والتعاي ش بني أفراد املجتمع امل سلم. ويف مقال من شور مبجلة»التفاهم«بعنوان»املجتمع اخلريي ال صالح بح سب املاوردي والنظام القيمي يف التجربة الإ سالمية«يتحدث الكاتب عن سمات املجتمع امل سلم ويبتدئ بالقر آن الكرمي. ال ق ر آن ال ك رمي ح د د بع ض س م ات امل وؤم ن ني يف سورتي»ال ف رق ان«و»ال رح م ن«. ف ع ب اد ال رح م ن يف س ورة»ال ف رق ان«:»مي شون على أالر ض ه ون او إذا خاطبهم اجلاهلون قالوا سالما«ال ي سرفون وال يقرتون أي أن منهجهم يف احل ي اة منهج م ع ت دل. ويف س ورة»لرحمن«هم لفروجهم حافظون وعلى عهدهم حمافظون. ويرى ال ك ات ب أن الفل سفة ال ت ي ي ق وم عليها جمتمع املوؤمنني تقوم على ركنني أ سا سيني: الإميان والعمل ال صالح وال يتحقق أحدهما إال باالآخر. وينتقل ب ع د ذل ك ال ك ات ب إىل مناق شة م و ض وع ال ق در وكيف ميكن من خ الل مفهومه ال صحيح فهم العالقة مع اهلل -عز وجل- من حيث حرية الإن سان يف القيام مبا ي ش اء وب د أ باملعتزلة ال ذي ن سموا أنف سهم أه ل العدل والتوحيد. العدل مع املعتزلة هو الدفاع عن صورة اهلل س ب ح ان ه وت ع اىل ف اإذا ك ان ال ع ب د م س وؤوال ع ن أف ع ال ه فينبغي أن يكون هو الذي ا ستقل بفعلها فلي س من العدل أن ينال العقوبة أو املثوبة على شيء ال ي د ل ه فيه. أم ا أه ل ال سنة و أ صحاب احلديث فقد ذكر الكاتب ق صتهم مع حممد بن عبدامللك الزيات الذي كان يعذب خ صومه يف التنور فاإذا سئل الرحمة بهم قال ساخرا وم ستكربا:»ال رحمة أالن الرحمة خور يف الطبيعة«. فلما و ضع يف التنور صاح طالبا للرحمة. ثم يقارن الكاتب بني مركزية قيمة العدل يف نظام املعتزلة الكالمي وقيمة الرحمة عند أ صحاب احلديث. وهنا حقيقة ال أفهم ما املغزى من ح شو كل هذه املقارنات واحلديث أي ضا عن القدر ومفاهيمه عن املذاهب الإ سالمية عند احلديث عن سمات املجتمع امل سلم إال إذا كان الكاتب يق صد من وراء ذلك أن كل هذه املفاهيم أثرت على مفهوم العدل عند امل سلمني وهو ركيزة أ سا سية من ركائز قيام املجتمعات املتح ضرة. يف اجلزء الأخري من املقال يتحدث الكاتب عن املاوردي واملجتمع اخلريي من خالل كتابه» أدب الدنيا والدين«. ي ح وي ال ك ت اب خم سة أب واب: ف ضل العقل وذم ال ه وى و أدب العلم و أدب الدين و أ دب الدنيا و أدب النف س. وروؤي ة امل اوردي ه ذه للمجتمع اخل ريي -ح سب م ا يرى الكاتب- شيء مل ي سبق إليه فهو يرى أن صالح الدنيا قائم على أمرين: ما»ينتظم به أمور جملتها وما ي صلح ب ه ح ال ك ل واح د م ن أه ل ه ا«ف ه م ا ش ي ئ ان ال ص الح أالحدهما إال ب صاحبه. فالذي ت صلح به الدنيا ست قواعد و إن تفرعت: )دي ن متبع و سلطان قاهر وع دل شامل و أمن عام وخ صب دار و أمل ف سيح(. مي ث ل ال دي ن إح دى ق واع د ص الح أم ر ال دن ي ا باعتباره»نظاما أخ الق ي ا ي صرف النف س ع ن شهواتها ويعطف القلوب عن إرادت ه ا حتى ي صري قاهرا لل سرائر وزاج را ل ل ض م ائ ر رق ي ب ا ع ل ى ال ن ف و س يف خ ل وات ه ا«. ون اق ش امل اوردي حت ت ه ذه ال ق اع دة م ش أالة أالول ي ة ب ني العقل وال ش رع ل ريى أن ق ول اهلل تعاىل» أيح سب إالن س ان أن يرتك سدى«يعني أن الدين ال ي أاتي إال بعد كمال العقل. أما القاعدة الثانية وهي ال سلطان القاهر فالأن النا س ال بد لهم ممن يجمعهم على كلمة سواء وتكون له ال سلطة ل ريدع من ت سول له نف سه أن يحيد عن الطريق مثلما ج اء» إن اهلل ل ي زع بال سلطان أك ث رث مم ا ي زع ب ال ق ر آن«. فال سلطان هنا لي س حافظا للنا س وح سب بل هو حافظ ل ل دي ن أي ض ا. ف اإذا ع دل ع دل ال ن ا س و إن ج ار ج اروا. ومن هنا تاأتي أهمية العدل و أالمن فال تنمية وال تقدم دونهما. وهاتان القاعدتان ت سريان يف كل زم ان ومكان فال توجد بالد جار سلطانها إال وفقدت أمنها وال توجد بالد فقدت أمنها إال وخرب عمرانها و إذا خرب عمرانها ت ف رق ع ن ه ا ال ن ا س أ ش ت ات ا ح ت ى ت ب ي د. وه ن ا ال ب د من وقفة ت أامل أمام ما يحدث يف دولنا العربية بعد ما سمي ب»الربيع العربي«بد أ الربيع العربي ب سبب جور بع ض احل ك ام وع دم ع دل ه م فا ستعرت ن ي ري ن احل رب يف دول كانت آمنة مطمئنة فاأ صبح النا س فيها ال يجدون قوت يومهم وال ي أامنون اخل روج م ن داره م وتبدلت حالهم لل شدة بعد ال رخ اء. كل ه ذه القواعد مرتبطة ببع ضها من أجل حتقيق نو املجتمع وازده اره إذا فقدت واحدة أ ص اب املجتمع اخل ل ل. و إذا أ سقطنا م ا ج اء ب ه امل اوردي ع ل ى امل ج ت م ع ات احل دي ث ة الت ضحت ل ن ا م ك ام ن اخللل يف ع صرنا احل دي ث. ففيما يتعلق بالدين تطور الغرب حتى ملك كل شيء لكنه تخلى عن الدين فاأ صبح شبابه يعاين من الفراغ النف سي واال ضطراب الفكري وارتفعت معدالت اجلرمية والقتل وال سرقة مع أن املجتمع مدين يف ح ضارته. أما فيما يتعلق بال سلطان القاهر لرمبا مل يق صد املاوردي به ال سلطان الدكتاتوري ح سب ما يفهم و إن ا ص اح ب احل ك م ال ق وي ال ق ادر ع ل ى إر س اء دع ائ م العدل وك م من سالطني ملكوا البالد فلما عجزوا عن تطبيق القوانني وال ضرب على املف سدين ما أغنى النا س سلطانهم شيئا. ومن عجيب ما تو صل إليه امل اوردي قاعدته أالخ رية يف حتقيق ال رخ اء: أالم ل الف سيح. واملق صود بها أن العدل والتنمية تفتحان منافذ أالمل لدى النا س بحيث يقبلون على اقتناء ما يق صر العمر عن ا ستيعابه مثل: امل ساكن وال دور وال ت ج ارة ال ت ي ت ب ق ى ب ع د أ ص ح اب ه ا إذ ل وال الأمل ملا تفرغ النا س و شمروا عن ساعد جدهم من أجل ما يدركون أنهم لن يعي شوا من أجله م دى الدهر. وملا حدث هذا الرتاكم الذي نراه اليوم يف ال صناعة والزارعة وعمارة الأر ض. هذه القواعد ال ست كما يقول امل اوردي:»هي التي ت صلح بها أم ور الدنيا وتنتظم أم ور جملتها ف إان كملت فيها كمل كل صالحها«. ska.sm90@gmail.com

9 ربيع األول نوفمبر 2017 م 9 ص راع الهويات ا مام موجة العولمة عاطفة امل سكرية يحمل العامل ثقافات و أديانا متنوعة تختلف باختالف أالمكنة. و إن وجدت جمموعات يجمعها دين وثقافة م شرتكة يف مكان ما فغالبا ما تكون هناك أقلية بينهم حتمل دينا خمتلفا وثقافة خمتلفة أي ضا. جند هذا التنوع حا ضرا بقوة يف منطقة املحيط الهندي - على ضفافها حتديدا- التي جتمع دوال متتاز ببعد ا سرتاتيجي مهم يف ال سيا سة واالقت صاد. جند ذلك مف صال يف مقال للدكتور عبدالرحمن ال ساملي بعنوان ثقافة املحيط الهندي حيث عرب فيه عن هذا التنوع نتيجة التطورات التي حدثت يف تلك املنطقة. و أتت العوملة لتوؤثر يف هويات جمموعات كثرية وثقافتها ومن ضمنها منطقة املحيط الهندي مبا فيها من تنوع. حيث تتجه العوملة نحو ت شكيل وحدة واحدة ذات صفات م شرتكة غالبا على العك س من فكرة الهويات والثقافات التي تدعم أو تعك س واقع االختالف بني املجموعات الب شرية. فحتى أبرز نقاط تالقي االختالفات يف العامل تاأثرت ب ش ك ل أو ب اآخ ر مب وج ة ال ع ومل ة ب ل ح اول ت يف بع ض الأحيان أن ت صبح موؤثرة عرب خمتلف و سائل التاأثري املح سو سة والالحم سو سة. والذي ال بد من إقراره هنا ويف ظ ل ت شكل النظام العاملي احل ايل- ن ظ ام القطب الواحد - أنه وعلى الرغم من حماولة بع ض العنا صر أن ت ص ب ح م وؤث رة ل ك ن ي ظ ل ت اأث ي ري ال ع ن ص ر ال ق وي من نواحي االقت صاد وال سيا سة أب رز و أب ق ى من تلك العنا صر التي ت ستخدم الطرق املوؤثرة الأخرى والغري ملمو سة يف ال غ ال ب. فمحاولة ن شر ثقافة جمموعة ما عرب و سائل الإع ل الم تبدو طريقة ناجعة تالم س ك اف ة امل س ت وي ات يف امل ج ت م ع إال أن ال دور ال سيا سي واالق ت ص ادي ال غ ن ى ع ن ه. ف ه و ي ع د أق وى وق ع ا من ال و س ائ ل غ ري امللمو سة ل ك ون ه ي الم س ف ئ ة متخذي القرار«أهم الفئات املجتمعية«. ومن اجلدير بالذكر يف هذا ال سياق أن الواقع احلايل ي ج ع ل م ن ال ق وي أك ث رث ق وة وال ع ك س ص ح ي ح وك ل ذلك يت ضح من خالل سعي هذه القوى يف سبيل خلق التاأثريات وخا صة يف ظل العوملة يتم ا ستخدام القوى غ ري امللمو سة يف سبيل ن شر ثقافة ال دول ة»القوية«مت ه ي دا ل ل ح ص ول ع ل ى ق ب ول خم ت ل ف ال ش رائ ح يف امل ج ت م ع ات ال ع امل ي ة. وي ت م ذل ك ع ن ط ري ق التعريف بالثقافة وما حتمله من إيجابيات وحماولة خلق صورة نطية أقرب للمثالية. بجانب ذلك تكون تلك الدول من الأ سا س أدت ما يتوجب عليها من ناحية التاأثري ال سيا سي واالق ت ص ادي - اللذين ي ع دان أك رث أهمية حقيقة من اجلوانب غري امللمو سة - حمققة التاأثري امل ط ل وب م ن أج ل جعلها ق وى عاملية ب ارزة. م ن هذا املنطلق ي صبح احلديث عن العوملة التي توفر أ سباب ان ص ه ار ال ف روق ات الثقافية وان دم اج ه ا ن ح و وح دة واح دة لوال املقاومة النابعة من هذه الثقافات أكرث جدوى من احلديث عن هذه الفروق التي مت تدار سها ل سنوات عديدة فالعامل أ صبح يعي ش تقارب الثقافات املختلفة واطالعها على االختالفات من حولها نتيجة ال ع ومل ة. ف ع ن دم ا ك ان ت احل وارات وال ت س ا ؤوالت عن العنا صر امل شكلة لثقافة ما سواء من الناحية الرتاثية وال ت اري خ ي ة وال دي ن ي ة واالق ت ص ادي ة - ال ت ج اري ة - أ صبحت متيل آالن نحو ال ت س ا ؤول عم اهية الو سائل امل ستخدمة للت صدي لهذه ال صورة الكربى التي تلغى فيها بع ض الثقافات من أج ل ظهور الثقافات أالكرث تاأثريا. لكن ال بد من الإ شارة هنا إىل مفهوم العوملة املتعارف عليه واملتمثل يف تكامل ع دة جوانب - منها الثقافية واالجتماعية - أو التقائها وحتول العامل إىل قرية صغرية وفكرة أن اجلوانب إاليجابية تعد حا ضرة يف معظم تلك اجل وان ب. م ن أال س ا س اب ت د أت أالم ور ت أاخذ منحى إيجابيا من ناحية نقل امل ع ارف والعلوم وال ت ج ارب امل رت ك م ة وامل ع ل وم ات واخ ت ص ار اجل ه ود ال ف ردي ة ال ت ي ك ان ت ستبذل ل وال وج ود و س ائ ل تنقل جتربة شعب ما إىل ال شعوب أالخرى ومنها بد أ انتقال أالف ك ار مب ا حتمله م ن أم ور ق د ت ت واف ق م ع أالف ك ار ال سائدة يف املجتمعات الأخرى - امل ستقبلة للمعلومات - وق د ال ت ت واف ق م ؤودي ة إم ا إىل ال ق ب ول وال ذوب ان يف الآخ ر أو ال ص راع وال رف ض وال ت ص دي ل آالخ ر. وت شكل الأخ رية عن صرا مهما يف الفكرة التي طرحها صموئيل هانتجتون يف نقا شه ل صراع احل ضارات حيث تكاد جت زم جمموعة ما على أن العوملة لي ست صدفة أو نتيجة ل شيء م ا إن ا ه ي خطة مر سومة بدقة يف سبيل حتديد العنا صر امل سيطرة من ال شرق أم الغرب ومن ناحية أخرى هنالك الفئة التي ت ؤومن ب أان العوملة جاءت كنتيجة حتمية للتطور التكنولوجي الذي ح صل وظ ه ور و س ائ ل االت ص ال وال ت وا ص ل. وع ل ي ه ي صبح التوا صل أ سهل عن ذي قبل مع توافر كل هذه الو سائل بجانب املوا صالت التي أ صبحت يف متناول فئات كثرية م ن املجتمع وغ ري مقت صرة على فئة حم ددة. لذلك وم ن منطلق احليادية من إالج ح اف أن نلقي باللوم على دولة ما نتيجة ال ضرر الناجت عن موجة العوملة ل ك ن الب د م ن إق رار وج ود ال ع ن ا ص ر ال ت ي ت رتق ب الفر صة لت ستغل هذه املوجة يف سبيل التاأثري وحتقيق امل صلحة على ح ساب الأطراف أالقل قوة. كذلك تكون هذه الأط راف متلك مقومات حتقيق ذلك عن طريق خلق الأ سباب امل ؤودية النبهار الأط راف أالق ل قوة بهم مم ا ي سهل حت ق ي ق امل ه م ة. وم ن امل ه م ه ن ا ف ه م ر أي املدر سة الواقعية فيما يتعلق بهذا اجلانب فالت ساوؤل املنطقي كذلك هنا هو إن أتيحت الفر صة لدولة ما أن ت صبح بهذه القوى وهذا التاأثري هل ترف ض ذلك قد تكون الإج اب ة ن سبية إذا ما تقم صنا دور تلك الدولة لكن املنطق يقول إن ال دول دائما ما ت سعى أن ت صبح أكرث قوة من ذي قبل لذلك من الالمنطقي أن ترف ض هذه الفكرة. وتكمن الن سبية يف إالجابات املحتملة على كم الأ ض رار التي ستت سبب بها تلك ال دول يف ال دول الأقل قوة منها وهنا تربز وجهة نظر املدر سة الواقعية املهيمنة على طبيعة ال ع الق ات ال دول ي ة - يف الفرتة احلالية على أالقل - إن م ش أالة إحلاق ال ضرر بالطرف الآخر ال تعد أولوية أمام م شسألة حتقيق القوى ال سيما إذا ك ان ت ال دول ة ت ت ب و أ م رك زا عامليا مهما اقت صاديا و س ي ا س ي ا ح ت ى ت س ه ل م ه م ة الإف ل الت م ن حما سبة القانون واملنظمات الدولية. فتبقى الت سا ؤوالت قائمة فيما يتعلق ب ال ع ومل ة وال ه وي ات وال ث ق اف ات وحت دي دا أم ام املتغريات العاملية املت سارعة التي ب د أت وال زالت م ستمرة إىل يومنا هذا. attifa.nasser@gmail.com

10 10 ربيع األول نوفمبر 2017 م قيم الغرب السسياسسية بين الشقافة والتطبيق سلطان املكتومي إن ال سنوات الأخ رية التي شهدها العامل إال سالمي والعامل العربي خ صو صا عرفت الكثري من التطورات على ال صعيد ال سيا سي والثقايف وقد مل ست هذه التطورات يف فرتة الربيع العربي التي نادت اجلماهري باحلرية والدميقراطية وغريها من القيم التي عني بها الغرب املعا صر. ويناق ش مقال -من شور يف جملة»التفاهم«- حمل عنوان»التثاقف وم ستقبله يف جمتمعات امل سلمني.. وجهة نظر إ سالمية«هذه التطورات والوعي احلا صل بني ال شعوب العربية على مدار الأجيال أالخرية. ا س ت ح ض ر ال ك ات ب ت وج ه ني رئ ي س ني ق د س ي ط را على ال ب اح ث ني ال ع رب يف ال ع ق د الأخ ي ري الأول ع ن ي بالقيم واملقايي س الأخالقية يف جمتمعات امل سلمني و أما التوجه ال ث اين ف ع ن ي ع ل ى اخل ص و ص ب اإدراك ات ال دمي ق راط ي ة يف ال ب ل دان العربية و الإ س الم ي ة. و أ ش ار ال ك ات ب إىل أن هذين التوجهني إن ا ينطلقان من ق ول شاع ب اأن هناك م شكلة حقيقية ذات أبعاد سيا سية و أخالقية ودينية بني امل سلمني )وب خ ا ص ة ال ع رب( وال دمي ق راط ي ة بو صفها»ق ي م ة«وبو صفها مم ار س ات وط ري ق ة يف ب ن اء أالنظمة ال سيا سية وامل وؤ س س ات ففي ح ني ت صل أف ك ار املجموعة أالوىل إىل أن امل شكلة موجودة يف»الثقافة«يف صورة ت ضاد بني ال شريعة واحلريات ال سيا سية وم ؤو س ساتها و إن تكن قوية و سائدة فاإن املجموعة أالوىل - والتي تدعي املدنية - ت صل إىل نتيجة معاك سة وترى أن املجتمعات العربية و إال س الم ي ة لي س يف وعيها عقبات أم ام الدميقراطية وامل شكلة ظ اه رة يف أالن ظ م ة ال سيا سية امل س ي ط رة. أم ا املجموعة الثانية فعادة ما تقرتح لتجاوز امل شكلة تقوية موؤ س سات وجهات املجتمع املدين وت شجيع برامج الرتبية على الدميقراطية وترى أن امل شكلة ميكن حلها بتطوير الأن ظ م ة أو ت غ ريه ا للو صول إىل أن ظ م ة ل ل ت داول على ال سلطة و إق رار احل ري ات الأ سا سية وامل شاركة الوا سعة واملتطورة. أط ال الكاتب يف تلخي ص التوجهني ليو ضح أ ن ال ث ورات العربية اجل اري ة يف 2011 مل ت صدق نتائج البحوث واملطالعات اجل اري ة على م دى ال سنوات الع شر الأخ ي رية ف ال ذي ن أك ث رثوا م ن احل دي ث ع ن م ع وق ات ال دمي ق راط ي ة يف ال دي ن وال ث ق اف ة وال س ي ا س ة وال ن ظ ام ال دويل مل ت صدق آر وؤه م أالن ال ث ورات الدميقراطية انطلقت فا ستقطبت اجلمهور كله يف حركية زاخ رة دون ت ساوؤالت عن م شروعية الدميقراطية أو سلطة ال شعب. ومن وجهة نظري ال يوجد م شكلة حقيقة يف ذلك بحكم أن اجلماهري يف الغالب نادت بالقيم إالن سانية من حرية ودمي ق راط ي ة وع رف وا ك ي ف تطبق يف ب ل دان ه م. وتبقى امل شكلة احلقيقية يف الأنظمة القمعية التي ال شك حتاول تعميق الفوارق بني التوجهني. ويجزم الكاتب أنه مل تكن هناك م شكالت يف النظر إىل الدميقراطية باعتبارها قيمة أو ممار سة أو الأم ري ن معا. أم ا أ صحاب املذهب الثاين الذي ر أى العقبة يف ال سلطات القائمة ولي س يف اجلمهور فاإن ه عاد فاأكد على الذاتية واخل صو صية يف حال العرب والتي تقت ضي دميقراطية عربية إذا صح التعبري. ونحن جند أن ال ث ورات التي ح صلت يف العامل العربي ال متلك هذا الهم أي التفرقة بني ما هو عاملي أو أجنبي. ويف ضوء هذه املالحظات النقدية يكون علينا العودة إىل مو ضوع»التثاقف«وماذا يعني نحن العرب وامل سلمني يف القرن الواحد والع شرين. ولدينا يف هذا ال ش أان جتربتان و س ي ط ت ان أو ك ال س ي ك ي ت ان وجت رب ة أو جت ارب حديثة ومعا صرة. و أن ا أق صد بالتجربتني الو سيطتني: جتربة بغداد يف التوا صل مع احل ضارات القدمية واملعا صرة فيما بني القرنني ال سابع والثاين ع شر امليالديني حيث جرى التوا صل م ع احل ض ارات القدمية واليونانية والهندية والفار سية من طريق الرتجمة يف شتى العلوم والفنون وال ف ل س ف ة. أم ا ال ت ج رب ة ال ث ان ي ة آن ذاك ف ه ي التجربة أالندل سية على م دى سبعة ق رون وه ي جت رب ة تثاقف ك ب رية م ن خ ل الل ال رتج م ة )ي ون اين والت ي ن ي -ع رب ي -الت ي ن ي( وم ن خ ل الل ال ع ي ش م ع ا أي ب ي ني امل س ل م ني وامل سيحيني بتلك البالد. وقد كانت التجربتان ناجحتني بحدود لكنهما انتهتا نهاية ماأ ساوية. أم ا جتربة بغداد فانتهت ب احل روب ال صليبية التي ضربت العالقات بني ال شرق والغرب و أحالت كل توا صل إن ساين بني الطرفني )امل سيحي وامل سلم( إىل معاناة وعذاب وتكفري للغريب أو قتل له أالكرث من ثالثة قرون. و أما التجربة أالندل سية ف ق د ان ت ه ت ب ح روب اال س ت رتداد ال ت ي أن ه ت - وع ل ى كل امل ستويات- الوجود الإ سالمي والثقايف ب إا سبانيا بطريقة ا ستئ صالية. أم ا التجربة احل دي ث ة وامل ع ا ص رة للعرب وامل سلمني مع ال غ رب وع م ل ي ات ال ت ث اق ف ال ت ي ح ص ل ت ف اإن ه ا ك ان ت خم ت ل ف ة ع ن ال ت ج ارب ال و س ي ط ت ني م ن ح ي ث ال دواف ع والفرتات والنتائج. وقد كان الغربيون هم الذين بادروا إىل ف ر ض ث ق اف ت ه م ع ل ى ال ع امل وب ط ري ق ة اج ت ي اح ي ة شملت شتى جم االت احلياة إالن سانية اخلا صة. وب سبب ه ذه الأح داث ان ق س م امل ج ت م ع الإ س الم ي وال ع رب إىل فهمني وه م ا: فهم اب ن خ ل دون»تقليد املغلوب للغالب» وفهم خري الدين التون سي «إن هذا الغرب هو مثل ال سيل والب د م ن ا ستيعاب م وج ات ه أالن ه ال ميكن منع تدفقه ال بالقوة والعنف وال باللني وامل ص احل ة وم ا دام الأم ر كذلك فينبغي قبوله وال ت الوؤم معه أو نغرق يف أم واج ه الهائجة. وكان هو ورج االت الدولة واملثقفون و آالخ رون يرون أن هذا اال سترياد واال ستيعاب أو حماولته لن ي ؤودي إىل ذوبان امل سلمني أو ذهاب دينهم وثقافتهم وذلك أالن اال ستعانة ب اأدوات احلداثة سوف تك سب امل سلمني مناعة م شهودة. ح صلت عمليات اال سترياد أو التوريد هذه حني كانت جمتمعات امل سلمني وثقافتهم راكدة وبالتايل فاقدة الأي مناعة با ستثناء املناعة الدينية ولذلك سرعان ما ا ص ط دم ت امل س ت ج دات الأوروب ي ة ب ال دي ن ول ي س ل دى امل سلمني فقط بل ولدى م سيحيي ال شرق القدامى أي ضا. إن ال ث ورات ال ع رب ي ة ك ش ف ت ع ن»روؤي ة ل ل ع امل«ل دى اجل م ه ور ال ذي ن زل إىل ال ش وارع مل ي ك ن أح د من الباحثني أو اال سرتاتيجيني يتوقعه ف ضال عن تقارير املوؤ س سات ال دول ي ة التي حتدثت ع ن مطوال ع ن ضعف موؤ س سات املجتمع املدين يف العامل العربي ب سبب ضعف قيم احلداثة وامل شاركة والدميقراطية إىل جانب ضغوط أالنظمة وقمعها فاجلمهور ال ذي ن زل إىل ش وارع املدن العربية وحتمل ب شكل سلمي وعلى مدى أ سابيع متطاولة عنف أجهزة الأمن ومكافحة ال شغب. و أخريا قد يكون ما ذهب إليه الكاتب يف م شكلة»التثاقف«يف ال ع امل العربي صحيحا ويف و ص ف اخ ت الف توجهات ال شعوب العربية بحكم تاأثري الغرب ولكن أرى امل شكلة احلقيقية كما أ سلفت يف وجود الأنظمة اال ستبدادية والتي ال شك ت سعى جاهدة يف خلق امل شكالت الثقافية بني من ي ط ال ب مب زي د م ن احل ري ات وق ي م ال غ رب امل ع ا ص ر من دميقراطية وغريها وهنالك أح زاب سيا سية قد خلقت مثل هذه امل شكالت وتبني يف آخر املطاف أن ها أحزاب آتية من الأنظمة امل ستبدة. sultan.almaktomi@hotmail.com

11 ربيع األول نوفمبر 2017 م 11 المكانة الضضاءعة لا ص هاب المهن البهرية التاريخية عبد اهلل ال شحي يف مقالته املعنونة ب»حرفيو البحر يف تراث الغرب إال سالمي«-واملن شور مبجلة»التفاهم«- يتحدث الأ ستاذ عبدال سالم اجلعماطي عن بع ض املهن احلرفية البحرية موؤكدا على أهميتها وتاأثريها والت سميات املتعلقة بها وبع ض التحديات التي شكلت سببا يف قلة عدد الدرا سات املتعلقة بها. ثم يعدد بع ضا من تلك املهن ويطرح الأ سماء املختلفة لبع ضها والواجبات املرتتبة على العاملني بها يف نف س الوقت الذي ي سوق فيه ال شواهد التاريخية املدونة التي تدعم ا ستنتاجه وت صوره. ال ينفك االرتباط التاريخي لالأمة العربية و إال سالمية ب ج ان ب ني ب ارزي ن ه م ا اجل ان ب ال ع س ك ري ال س ي ا س ي واجل ان ب ال ع ق ل ي-ف ل س ف ي ا وع ل م ي ا ف اجل ان ب الأول ال ذي يربز يف تو سع ح دود الدولة إال سالمية والغزوات واحلروب والفر سان واملحاربني الفاحتني ومن عا صرهم م ن ال س الط ني واخل ل الف اء ث م اجل ان ب ال ث اين املتعلق بالعلماء واملخرتعني من امل سلمني أو الذين عا شوا حتت م ظ ل ة احل ض ارة ال ع رب ي ة واخ رت ع ات ه م واكت شافاتهم باالإ ضافة أي ض ا للفال سفة امل سلمني وكتبهم وتنظريهم وقراءاتهم يف آراء ال سابقني وحماوراتهم مع املختلفني م ع ه م. ف ن رى ت واج دا وت رك ي زا ك ب ريي ن ع ل ى ه ذي ن اجلانبني يف امل دون ات التاريخية أ سا سا وح ضورا كبريا للكتابات حولهما و الأبحاث املتعلقة بهما من الباحثني. ونتيجة لذلك يكاد يكون كل احل ضور لل شخ صيات البارزة يف ه ذه امل ج االت ووظ ائ ف ه ا ح ص را ب ال رغ م م ن وج ود حرفيني ومهنيني كان لهم أعظم الإ سهام وكبري أالثر يف التاريخ إال سالمي إال أن ما دون بخ صو صهم قليل نتج عنه ان ص راف الباحثني املعا صرين ع م وم ا ع ن البحث حول تلك املهن. فعند البحث مثال فيما يتعلق باإجنازات اخلليفة والقائد الع سكري أو إجنازات الفيل سوف والعامل فاإن من املرجح أن توجد العديد من النتائج لدرا سات خمتلفة تناولت أ س م اء ف ال س ف ة وزع م اء سيا سيني و أب رز م ا ق ام وا به وم ا حققوه على النقي ض من حماولة البحث عن دور أ سماء حرفيني شغلوا وظ ائ ف- سنذكر بع ضها الحق ا- ب ال غ ة أاله م ي ة ط وال ال ت اري خ. وال ينطبق ه ذا أالم ر على ال درا س ات التي ق ام بها امل سلمون فح سب ب ل حتى امل ست شرقني أي ض ا. وال يق صد من املقال بال ضرورة و ضع مقارنة مبا شرة بني وظائف خمتلفة كوظيفة الفيل سوف مقابل وظيفة صاحب حرفة ما إنا هي حماولة للفت النظر إىل فقر امل ح ت وى امل دون وامل ح ت وى ال واق ع حتت البحث ملهن لعب أ صحابها دورا غري قابل للنكران. ولن أاخذ بع ض الأمثلة من املقال لبع ض احل رف واملهن ال ت ي ذك ره ا ال ك ات ب و ش رح ع ن ه ا ب ش يء م ن التف صيل و إالف ا ض ة حيث ق سم الكاتب العاملني يف قطاع البحر إىل ق سمني أ سا سيني الأول ه م امل الح ون أو النواتية والنوتي يف معجم ل سان العرب هو املالح و أحلق الكاتب حتت هذا الت صنيف عموما كل من يقوم بخدمة ما على ظهر ال سفينة أو الإع داد للرحلة كالقبطان والرئي س واحل م ال ني وت ع ددت وظ ائ ف ه وؤالء ك ل ح س ب املهمة املنوطة به كاالإ شراف العام على ال سفينة أو ا ستالم دفة ال ق ي ادة وت وج ي ه امل رك ب ب االإ ض اف ة لتحميل الأغ را ض و إنزالها والتجديف وبقية املهام ال ضرورية الأخرى على سطح امل رك ب. ول ه ذا التباين يف الوظائف دالالت لي س أق ل ه ا م ق دار التعقيد يف مهمة ت سيري سفينة يف رحلة ناجحة وكذلك ميكننا اعتبار ذلك سببا إ ضافيا لوجوب وجود درا سات أكرث يف هذا املجال. ويف اجلهة الأخ رى ي ضع الكاتب الق سم الثاين أال وهم صانعو ال سفن ومعدات ال سفن ف صانعو ال سفن)ال سفانون واجلالفطة( مكلفون مبهمة صناعة ال سفينة مبختلف أجزائها قال ابن دريد :«هو الذي ي ج ل ف ط ال سفن في دخل بني م سام ري أال ل واح وخ روزه ا م شاقة الك ت ان ومي س ح ه ب ال ز ف ت وال ق ار «وفعله اجل ل ف ط ة. وي ذك ر الكاتب أنها مهنة يعتز بها أ صحابها كثريا. ي ضيف الكاتب إىل ذلك صانعي ل وازم ال سفينة كاالأ شرعة وامل سامري فاحلبال لها أنواع متعددة ح سب تعدد الأغرا ض وكذلك امل سامري و أ شكال الألواح و أطوالها. عالوة على هذا التق سيم ميكن اق ت رت ح إج راء تق سيم آخ ر يعتمد على الأج ر وامل ردود امل ادي لكل ح رف ة فالقبطان بالتاأكيد يك سب أك رث مما يك سبه العبيد واخلدم على ظهر املركب. يت ضح وجود ت سل سل هرمي لل سلطة داخل املركب يبتدئ يف ق م ت ه ع ن د»رئ ي س ال س ف ي ن ة«ث م ت ت درج امل ه ام تبعا لتخ ص ص ك ل ف رد آخ ذا بعني االع ت ب ار أن أال شخا ص يلتزمون باملهام املنوطة بهم ح صرا بينما ميلك الرئي س صالحية التدخل يف أعمال من هم حتته و إ صدار الأوامر وحتديد طريقة سري أالمور. هناك حتد آخر يواجه الباحثني غري م شكلة قلة امل صادر أال وه و اخ ت الف امل سميات اخل ا ص ة ب احل رف باختالف ال زم ان وامل ك ان وه ذا يتطلب ج ه دا إ ضافيا متمثال يف حماولة الو صول إىل توفيق بني هذه امل سميات. فا أال سماء وامل صطلحات يف أي جمال خا ضع للدرا سة من ال ضروري أن تكون متفقا عليها ومعروفة من أج ل ال دار س الذي ي ب د أ ال درا س ة وك ذل ك على ال دار س ني م ستقبال الذين يكملون عمل باحث سابق. من اجلدير باملالحظة هنا أن م صادر املعلومات ال تنح صر ع ل ى ال ت دوي ن ات ال ت اري خ ي ة ف ح س ب ب ل ح ت ى ال ف ت اوى والكتب الفقهية قد ا ستخدمت ال ستخراج أو صاف بع ض املهن وطبيعتها وكيف يجب أن متار س ب صورة تطابق فيها حدود ال شريعة. هناك أي ضا ال شعر فقد وجدت ق صائد خالل التاريخ تخرب عن أو ت صف مهنة ما أو امل شتغلني بها و أحوالهم و صفاتهم. وميكن من وجهة نظري الإفادة م ن كبار ال سن امل وج ودي ن وال ذي ن ك ان لهم ب اع يف سرب أغ وار البحار خ صو صا من املناطق التي ت أاخرت و صول منتجات احل ضارة احلديثة إليها وذل ك الأنهم غالبا ما كانوا ي سريون الرحالت البحرية ب شكل قريب إىل حد ما من أ صحاب املهنة القدماء. ه ك ذا ن رى أن العقبتني ال ب ارزت ني أم ام أي م شتغل يف التنقيب عن هذا املحور التاريخي ذي ال شعبية املنخف ضة هما قلة امل صادر واختالف الت سميات لنف س امل سمى أما فيما يتعلق بقلة امل ص ادر فهي ك ث رية يف ال ن وع قليلة يف الكم وال عالج مطلق ونهائي لهذه املع ضلة إنا حماولة تخمني أق رب ص ورة ممكنة للواقع وحيثياته بناء على امل ص ادر امل ت وف رة ووف ق املناهج ال درا س ي ة اخلا صة بعلم التاريخ. يبقى املجال حمتاجا ملزيد من االنتباه من قبل الباحثني كما أنه خ صب وغني باالإمكانيات واالحتماالت التي تنتظر اال ستك شاف. deeko123@hotmail.com

12 12 ربيع األول نوفمبر 2017 م» ولا بد لليل ا ن ينجلي» قيم الأنوار و»اخلروج من ظلمة الليل الطويل«دع ون ا ق ب ل ال ش روع يف ا س ت ع را ض ق ي م امل ع ادي ن ل الأن وار ن س ت ع ر ض أه م ق ي م ه م وم ب ادئ ه م ال ت ي مت ت م ع ادات ه م ب سببها. إن ع صر سيطرة الكني سة على ال شعوب الأوروبية ك ان مب ث اب ة ع صر س اد ف ي ه ال ظ الم ح ي ث ك ان ت ال شعوب تتبع ضوء قنديل الكن سية الوحيد الذي احتكرته لت ستطيع ال سيطرة على اجلموع. وجند أن من ثاروا ضد هذا الع صر كانوا ميجدون قيما رئي سية ثالثا: الكونية والعقالنية والفردانية. قيم معاداة الأنوار كما أن لالأنواريني مدار س متعددة فللمعادين لها مذاهب خمتلفة أي ضا.. و أب رز معار ضي أالن واري ني هم املتدينون وينق سمون يف معار ضتهم معهم إىل ق سمني: 1- الفرن سيون من أتباع الطائفة اجلن سينيني والي سوعيون الكاثوليك )عد ؤوهم شبه مطلق لالأنواريني(. ق ام ه ؤوالء مبحاربة الفكر التنويري بالقول والفعل. فقد كانوا ي صفونهم باأقذع ال صفات وي صفون كتابات الأنواريني باأنها كتابات»مارقة«. فحاربوهم من على منابرهم وعلى ل سان أكرب ر ؤوو سهم فالبابا بنف سه قام باإدانه كتبهم. و أبرز هذه الكتب املغ ضوب عليها: كتاب املفكر الفرن سي مونت سكيو»روح ال ش رائ ع«وك ت اب ال ع امل ال ف رن س ي ب وف ون»روح ال شرائع«وكتاب الفيل سوف املادي الفرن سي هلف سيو س»يف الروح«...وغريها الكثري. الت شكيك وتكفري املفكرين ونعتهم ب أانهم يتبعون دين الطبيعة ولي س الدين امل سيحي هي من سمات خطاب هذه الفئة وهذا النوع من القذف جعل املفكر مونت سكيو صاحب ك ت اب»روح ال ش رائ ع«يكتب ك ت اب ا آخ ر ينفي فيه ات ه ام ات الكن سية ويعلن فيه اح رت م ه للدين وقيمه و أنه لي س ضدها. 2- أالمل ان ي ون م ن أت ب اع ال ط ائ ف ة ال اله وت ي ة الربت ستانت )ع د ؤوه م غ ي ري م ط ل ق وي دع ون إىل ت ط ب ي ق ال ت ن وي ر يف ال اله وت أو ما ي سمونه بالالهوت املتنور(. ه ذه الفئة مل ترف ض مبادئ التنويريني بل ر أوا فيها ضرورة و سعوا يف التوفيق بينها وبني الدين الذي هو باأم س احلاجه للتطوير وعدم الوقوف يف حقب املا ضي. القيم املتعار ضة يف مواجهة بع ضها - اأول : الكونية املطلقة يف مواجهة الن سبية امل سورة تقول أب رز امل ق والت يف معار ضة كونية القيم وه ي للمفكر هردر:»ال توجد حلظتان يف العامل متماثلتني«و«ال إن سان ي شبه الآخ ر. وباملثل: ال بلد وال شعب وال تاريخ وطني وال دولة ي شبهون غريهم«وبالتايل فاإن القيم ملناه ضي التنوير ال مي ك ن أن ت ك ون ك ون ي ة ف ال ع ق ل ال ذي ص اغ ه ا ه و عقل أوروب ي خمتلف من حيث الن ش أاة عن العقول أالخ رى التي ت سكن ال ع امل. كما أن ه م يقفون ضد كونية القيم ب إا شهار س الح آخ ر ه و ال رتوي ج لفكرة»ال ق وم ي ة«ووح دة «الأم ة«ال ت ي ت رى يف ف ك رة الكونية وت وح ي د قيم ال شعوب تهديدا ل وح دة أالم ة وم دخ ال م ن م داخ ل تفتيتها. أم ا الكونية فت سعى خلري إالن سانية جمعاء حيث ال متييز ي سب به دين أو عرق. - ثانيا: الفردانية كمهدد لرتابط املجتمع ميجد أعداء التنوير فكرة تبعية املجتمع ل سلطة عليا سواء كانت سلطة الدولة أو سلطة دينية فاملجتمع بنظرهم هو نتاج جلهد جتتمع فيه كل القوى بقيادة ال سلطة )ال سيا سية/ الدينية( وما الفرد سوى أحد م سامري قيام هذه الآلة التي ت صنع بها منجزات الدولة ونه ضتها. فالفرد ي أاتي يف املرتبة الثانية دوم ا وال دول ة ه ي امل رك ز ال ك وين ال ذي ي سخر فيه الفرد ذاته من أجل خدمته. أما التنويريون فريون أ ن الفرد هو املركز وما الدولة سوى أداة م سخرة خلدمة هذا الفرد. وال ف رد م ستقل ومتفرد ب ذات ه وال يجب أن نخ ضعه عنوة لل سلطة اجلمعية. - ثالثا: العقل س لطان يقود ول يقاد ي ع ل ي التنويريون شاأن العقل ويرون أهمية ت سخريه للنقد لكل جم االت احل ي اة. فالنقد لي س ب ا أالم ر امل ذم وم ولكنه املحمود الذي سيح سن كل مذموم ويكمل كل منقو ص. أما أع داء ال ت ن وي ر ف ي ريون أن إع م ال العقل ه و أ س ا س البالء وال ش رور. فهو يف اعتقادهم املحر ض أالول لك سر املعهود وت سخري امليل للتغيري يف النفو س وبالتايل هو املهدد أالول ل ن ظ ام ح ك م ال ش ع وب. ك م ا أن ال ع ق ل يف وج ه ة ن ظ ره م هو الع ضو ال ذي يحيل ك ل املقومات احلية احل سية إىل جليد فاطمة نا صر ياأخذنا الكاتب حممد ال شيخ يف جتوال م رث عرب الزمن حيث يتناول يف مقاله -املن شور مبجلة»التفاهم«-»القيم الدينية والقيم العقالنية يف ع صر الأنوار الأوروبي«مو ضوعا غاية يف أالهمية خا صة إذا ما قاربناه بواقعنا العربي اليوم. فبالعودة لنهاية القرن ال سابع ع شر الذي شهد انت صار الأنواريني أو املحدثني على القدماء املحافظني جند أن هذا االنت صار قد أتى بعد مواجهات كبرية بني أن صار التيارين. فالقدماء املحافظني الذين ميثلون ال سلطة الكن سية حاربوا الأنواريني وانتقدوهم نقدا الذعا وواجهوهم ب شتى الو سائل وكذلك الأنواريون نقدوا و سخروا من القدماء املحافظني وكل من يعادي الأنوار. الن صو ص املن شورة تعرب عن وجهات نظر كتابها وال تعك س بال ضرورة ر أي جملة التفاهم أو اجلهة التي ت صدر عنها. جملة التفاهم هاتف : فاك س : الربيد الإلكرتوين : tasamoh@gmail.com - al.tafahoom@gmail.com - ب ارد فتنقطع الأوا صر التي تربط الفرد مبجتمعه ليعي ش يف فقاعته وحيدا. ومن أبرز املعادين حلركة التنوير: بورك ال ذي و ص ف احل رك ة»ب امل وؤام رة ال ف ك ري ة«هدفها حتطيم احل ض ارة امل س ي ح ي ة وال ن ظ ام ال س ي ا س ي ال ق ائ م والن سيج املجتمعي الواحد. ويرون أن هيمنة العقل البارد تطفي روح اجلماعة املتوقدة فتتوانى عن خدمة أمتها. الو سطيون اأو»الالهوتيون املتنورون«م ث ل ه ذه الفئة رج ال ال دي ن م ن الطائفة الربوت ستانتية م ن خم ت ل ف ال دول الأوروب ي ة ال ت ي ن ادت ب ال ت ن وي ر. وق د ق ام ه وؤالء مبراجعات شجاعة ملفاهيم م سيحية كانت غري قابلة للم سا س يف ال سابق كمفاهيم :«اخلطيئة أال صلية«و»اللطف الإل ه ي«و» الأع م ال ال صاحلة«...وغريها. فمثال مفهوم»اخلطيئة الأ ص ل ي ة«جعل اخلطيئة ق درا حمتوما على الب شر وه ي ال روؤي ة التي تبناها القدي س أوغ سطني وفيها تتحمل الب شرية هذه اخلطيئة ب شكل متوارث و أزيل. فقام الالهوتيون املتنورون بتربئة النا س من هذه اخلطيئة وبهذا حولوا مفهوم»اخلطيئة أال صلية«من عقيدة إىل رمز يدفع امل رء للبذل والعطاء لي صلح من شاأنه وليتحول من شخ ص مغلوب الإرادة مو سوم باخلطيئة وال ضعف الأب دي إىل ف رد ق ادر على التحكم ب ن وازع نف سه الأم ارة بال سوء وبها يتحول ال ف رد إىل م س وؤول خم ري ولي س ف ردا م سري. أم ا ال ت غ ي ري اجل ذري ف ه و ال ن ق ل ة ال ن وع ي ة ال ت ي أج راه ا»ال اله وت ي ون امل ت ن ورون«يف ن ق ل ال دي ن م ن امل ج رد ال ع ام العقائدي املجتمعي إىل دي ن معني يف امل ق ام أالول بالفرد وتعاطيه ال شخ صي مع الدين ولي س بهيمنة الدين وفر ضه على العام. كما أن مكارم الأخالق والف ضائل لي ست مرهونة بالدين كما كانوا يعتقدون ويروجون يف ال سابق ولكن هناك إمكانية لقيام الف ضيلة بدون الدين. وب إا س ق اط م ا م رت ب ه أوروب ا على ال ع امل ال ع رب ي جن د أن ب وادر ظ ه ور ال و س ط ي ني م وج ودة ب ت ن ام ي ال دع وات إىل إ ص الح اخل ط اب ال دي ن ي. وال ره ان يبقى ع ل ى م دى تقبل النتائج فهل سنقبل ب وج ود كافة الأط ي اف الثالثة بيننا )التنويريني أعداء التنوير الدينيني املتنورين( أم ستقطع الرقاب و الأل سنة املخالفة كعادتها f_wahaibi@hotmail.com